للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأنْتِ طالق، فله بعض أحْكَام التعليقات؛ حتى لا يحتاج إلى القبول اللفظي ولا رجوع

للزوج قبل الإِعطاء وبعض أحكام المعاوضات، وهو اشتراط الإِعطاء في المجلس أما ثُبُوت أحكام التعليق، فلأن اللفظ والتعليق بـ"مَتَى"، وأما اشتراط الإِعطاء في المجلس فلأن ذكر العِوَض قرينةٌ تقتضي التَّعْجيل؛ لأن [يرد] الإِعراض بتعجيل في المعاوضات، وإنما تركْنَا هذه القضية في "متى" وأخواتها, لأنها صريحةٌ في جواز التأخير شاملةٌ لجميع الأوقات و"إن" لا تشملها، وإنما تقتضي التعليق والاشتراط فقط؛ ألاَ ترى أنَّه ينتظم أن يقال: إن أعطيتني، وإذا أعطيتني الآن، أو ساعة كذا، فلم تصلُحْ "إن"، و"إذا" دافعةً للتسوية -المقتضية-[لثبوت] التعجيل هكذا سوى الأكثرون بَيْن "إن" و "إذا"، واختار الشيخ أبو إسحاق الشيرازي -رحمه الله- إلحاق "إذا" بـ"متى" وقال إنَّها تفيد ما تفيد "متى" محتجَّا بأنه إذا قيل: إلى متى أَلْقَاكَ، جاز أن يقول: إذا شئت كما يقول: "متى" و"أي وقت" شئت، ولا يجوز أن يقول: إن شئت، ثم ذكر صاحب "التتمة" أن اشتراط التعجيل مخصوصاً بما إذا كانت الزوجة حرَّةً أمَّا إذا كانت الزوجة أمةً، وقال: إن أعْطَيْتِنِي ألفاً فأنت طالقٌ فلا يعتبر الفَوْرُ في الإِعطاء، بل يقع الطلاقُ، مهما أعْطَتْه وإن امتد الزمان؛ لأنها لا تقدر على الإِعطاء في المجلس؛ لأنَّه لا يَدَ لَهَا الغالب، ولا مِلْكَ، بخلاف ما إذا قال: إن أعْطَيْتِنِي زِقَّ خَمْر، فأنت طالقٌ، حيث يشترط الفور، وإن لم تملك الخمر؛ لأن يدها قد تشتمل على الخمر، قال: ولو أعطته الأمَةُ ألفاً من كسبها، حصَلَتِ البينونة، لوجود الصفة، وعليه رد المال إلى السيد، ومطالبتها بمهر المثل، إذا عَتَقَتْ.

والمراد من المَجْلِس الذي يشترط فيه التعجيل مَجْلِسُ التواجب، وهو ما يحصل به الارتباط بين الإِيجاب والقبول، ولا نَظَر إلى مكان العقْد، فكأن الإِعطاء نازلٌ منزلة القَبُولِ، فاعتبر فيه الاتصال المعتبر في الإِيجاب والقبول، وفيه وجْه حكاه القاضي ابن كج وغيره: أنَّه يقَع الطلاق إذا أعطته قبل أن يتفرقا، وإن طالت المدة، ويجعل مجْلِس التخاطب جامعاً كما في القبض في الصَّرف والسّلْم، والمذهب الأول.

وقوله في الكتاب: "فَهُوَ كَذَلِكَ" معلَّم بالواو، ولأن صاحب "التهذيب" حكى وجْهاً: أنّه يجوز للزوج الرجوعُ قبْلِ الإِعطاء، وهو الذي أورده صاحب "المهذب"، فلا تكون "إِنْ" على ذلك الوجْه كـ"مَتَى"، ويقرب منه ما حكاه القاضي ابن كج عن أبي الطيِّب بن سلمة: أن الزوج بالخيار بين أن يقبل الألف الذي أحضرته وبين ألاَّ يَقْبَلَ.

وقوله: "إِلاَّ أَنَّهُ يَخْتَصُّ بالإِعطاء بالمَجْلِسِ" معلَّمٌ بالألِفِ؛ لأن عند أحمد -رحمه الله- كلمةُ إنْ بمثابة "مَتَى"؛ في أنَّه لا يشترط تعجيل الإِعطاء، وبالواو؛ لأن عن "شرح التلخيص" حكاية وَجْهِ مثْلِه.

<<  <  ج: ص:  >  >>