قال الرَّافِعِيُّ: القسْم الثَّاني: إذا بدأت الزوجةُ بسؤال الطلاق والتماسه، فأجابها الزوج، فهو معاوضةٌ فيها مشابةٌ الجَعَالةِ، أما أنها معاوضةٌ، فلأنَّها تحصل الملك في البُضْع بما تبذله من العوض (١)، وأما شائبة الجَعَالَةَ؛ فلأنها تبذل المال في مقابلة ما يستقل به الزوج، وهو الطلاق، وإذا أتَى بِهِ وَقَعَ المَوْقع وحَصَل عِوَضُهِما، كما أن الجَعَالة ببذل الجاعل المال في مقابلة ما يستقل العامل به، في وقوعه الموقع، وتحصيل الغرض؛ ولأن الجاعل يلتمس ما فيه خَطَرٌ قد يتأتى وقد لا يتأتى والمرأة تلتمس من الزَّوْج الطلاقَ القابلَ للتعليق بالأخطار والأغرار، ويجوز لَهَا الرُّجوع قبل جواب الزوج؛ لأن هذا هو حُكْم المعاوضات والجَعَالات جميعاً، ولا فرق بين أن تأتي بصيغةِ التعليق، فَتَقُول: إن طلقتَنِي ذلك كذا، أو متى طلقتَنِي، وبين أن تقول: طَلقني على كذا؛ فإنه معاوضة في الحالتين من جِهَةِ أن المال هو الذي يتعلق بها، والمال لا يقبل التعليق، بخلاف الطَّلاَق من جانب الرَّجُل، وكأن قياس كوْنِه معاوضة ألاَّ يجوز التعليقُ فيه، كما لو قال: إن بعْتِنِي فلكِ كَذَا, ولكن لِمَا فيه من شائبة الجَعَالة احتملت فيه صيغةُ التعليق، كما لو قال: إن رددت عنْدِي فلك كذا، فكان الطلاق لسرعة نفوذه لمَّا احتمل فيه التعليق، وجعل معلقه كمنجز البيع، احْتُمِلَ في التماسه التعليقُ أيضاً، بخلاف البيع، ويشترط أن يُطَلِّقهَا في مجلس التواجُبِ على قاعدة المعاوَضَات، سواءٌ فيه صيغةُ المعاوضة، وصيغةُ التعليقِ، ولا فَرْق بيْنَ أن يعلق بـ"إِنْ" أو بـ"مَتى"، فلو طلقها بعد تخلُّل مدة طويلة، حمل على الابتداء؛ لأنَّه قادرٌ عليه، ولم يلحقوه في هذا الحكم بالجعالة؛ فإن رد العبد في الجَعَالة في المجلس لا يشترط، هذا هو الظَّاهِرُ، ويجوز أن