يعلم قوله في الكتاب:"وَيَخْتَصُّ الجَوَابُ بِالمَجْلِسِ" بالواو؛ لِمَا هو مذكور في الكتاب في الفصل الثالث من الباب الرابع.
ولو قالت: طلِّقْني ثَلاَثاً على ألف، فقال: طلَّقْتُك واحدةً على ثُلُث الألف، أو اقتصر على قوله طلقتك واحدةً، وقعت الواحدة، واستحق ثلث الألف، كما لو قال في الجَعَالة، رُدَّ عبيدي الثلاثة، ولك كذا، فرد واحداً استحق ثُلُثَه، وليس كما إذا قال الزوج ابتداءً طلَّقْتُكِ ثلاثاً على ألف، فقالت: قبلْتُ واحدةً بثلثه؛ حيث قلنا: إنَّه لا يقع شيء؛ لأن ما أتى به الزوج صيغةُ معاوضة، فرتب عليه أحكام المعاوضات، وحكى الشيخ أبو علي وجْهاً: أنَّها إذا سألتِ الثَّلاَث، فطَلَّق واحدةً لم يقَعْ شيء وغلط قائله.
ولو قال لامرأتيه خالَعْتُكُمَا بألف، أو طلقتكما، أو أنتما طالقَتَانِ، بكذا فقبلت إحداهما وحْدَها, لم يقَعْ شيء؛ لأن القَبُول لم يوافق الجواب، كما لو قال: بعتكما هذا العَبْد بألْف، فقال أحدهما؛ قبلْتُ، وقد مر في "تفريق الصَّفْقة" من "كتاب البيع" وجْهُ: أنَّه يصح البَيَع في حَقِّ القائل، ولا بُدَّ من مجيئه هاهنا، وقد صَرَّح به صاحب "التتمة" والظاهر الأول، وبمثله أجَابَ صاحبُ "التَّهْذِيبِ" فيما إذا قال: طلقْتُ إحداكما بألْفٍ، ولم يعينْ، فقالتا: قبلْنَا.
ولو قال: خالعْتُكِ وضرَّتَك بكذا، فقبلتْ، صحَّ الخُلْع، ولزم المال المسمى؛ لأن هناك جرى الخِطَاب معهما وهاهنا الخطاب مع واحدة، وهي مختلعة لنفسها وقابلةٌ لضرتها، كما يقبل الأجنبي الخُلْعَ، ولو قالت له امرأتاه: طَلِّقنا على ألْف، وطلق إحداهما، يَقَع عليها دون الأخرى، كما لو قال رجلان: رُدَّ عبدَيْنَا بكذا، فرد أحدهما دون الآخر، والمال مثلهما أو نصف مثلها الواجب على التي طلَّقها منهما مهر المثل، أو حصتها من المسمى، إذا وزع على مهر المسمى توزيعاً الرؤوس فيه اختلاف قول، والأصحُّ الأول، ويجري الخلاف في الواجب على كلِّ واحدة منهما، إذا طلَّقَهُما جميعاً، وهذا الخلاف هو الخلاف المذكور في باب "الصَّدَاق" وفيما إذا خَالَع امرأتيه على ألف، وقِيلَتَا، أنَّه يصح المسمَّى أو يفسد إن صح، فالتوزيع على مهر المثل أو الرؤوس، وإن فَسَد، فالواجبُ مَهْر المثل، أو ما يقتضيه التوزيع، والخلاف على ما ذكر الشيخ أبو حامد مخصوصٌ بصورة الإِطلاق، أما إذا قال طلقْتُكُمَا على ألْف مُنَاصَفَةً أو قالتا: طلِّقْنا على ألْف مناصَفَةً، فلا خلاَفَ أنَّه يكون كذلك، ولو قالَتْ: طلِّقَني [بأَلْف](١) فقَال: طَلَّقْتُكَ بخمسمائةٍ يقع الطلاق، وتجب الخمسمائة، كما لو قال: رُدَّ عَبْدِي بألف، فقال: رددته بخمسمائة، ورده لا يستحق إلاَّ خمسمائة، وفيه وجْه، أشار