للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَرْعٌ: اختلع السيد أمَتَه الَّتي هي تحت حُرٍّ أو مكاتَبٍ على رقَبَتها.

قال إسماعيل البوشنجي: تحصلت فيه بعد إمعان النظر على وَجْهَيْنِ:

أحدهما: أنَّه تحصل الفُرْقَة، ويكون الرجوع إلى مَهْر المِثْل؛ لأنَّه خُلْع على بدل لم يسلَّم له، فإن البَدَل هو تَمَلُّك الرَّقَبة، وفُرقة الطلاق وتملك الرقبة لا يجتمعان، وإذا لم يسلَّم البدل أشْبَهَ ما إذا خالَعَها على خَمْر أو مغصوبٍ وأصحهما أنَّه لا يصحُّ الخُلْع أصْلاً؛ لأنَّه لو حَصَلَتَ الفُرْقَة، لقارنها مِلْك الرقبة؛ فإن العوضين يتساوقان (١) والملْك في المنكوحة يمنع وقوع الطلاق، وهذا كما قال الأصحاب فيمن علَّق طلاق زوجته المملوكة لأبيه على مَوْت أبيه، أنَّه لا يقع الطلاق، إذا مات الأَبُ؛ لأنَّ حصول الملك فيه حالَةَ مَوْتِ الأب يمنع وقُوعَ الطلاق، حتى لو كان الأَبُ قَدْ قال: إذا مِتُّ فهي حُرَّةٌ يقع الطلاق عند مَوْت الأب، والله أعْلَمُ.

قَالَ الغَزَالِيُّ: وَاخْتِلاَعُ السَّفِيهَةِ فَاسِدٌ لاَ يُوجِبُ المَالَ وإِنْ كَانَ بِإِذْنِ الوَلِيِّ وَلَكِنْ إِذَا قَبِلَتْ وَقَعَ الطَّلاَقُ رَجْعِيّاً، وَإِذَا اخْتَلَعَت الصَّبِيَّةُ لَمْ يَقَعِ الطَّلاَقُ رَجْعِيّاً لأَنَّ لَفْظَهَا فِي القَبُول فَاسِدٌ، وَالمَرِيضَةُ إِنِ اخْتَلَعَتَ بِمَهْرِ المِثْلِ صَحَّ، وَالزِّيَادَةُ تُحْتَسَبُ مِنَ الثُّلُثِ دُونَ الأَصْلِ (ح).

قَالَ الرَّافِعِيُّ: ومن أسباب الحَجْر السَّفَهِ، فإذا قال لزوجته المحجورِ عليها بالسفه: خالَعْتُكِ على ألْف، أو طلَّقْتُكِ على ألف فقبلَتْ، وقع الطلاق رجْعيّاً، سواءٌ قبلَتْ ذلك بإذن الولي، أو دون إذنه، ولا يلزمها المَالُ؛ لأنَّهَا ليست من أهل التزام المال، وليس للولي صَرْفُ مالها إلى هذه الجهة، وإن لم تقْبَلْ لا يقع الطلاق؛ لأنَّ الصيغة تقتضيه، فهو كما لو علَّق الطلاق على صفةٍ لا بدّ من حصُولها, ولو قال لها: طَلَّقْتُك على ألفٍ إن شئْتِ، فقالت على الاتصال: شِئْتُ، يقع الطلاق رجعياً أيضاً، ولو ابتدأت فقالت: طلَّقْنِي على كذا، فأجابها، فكذلك الجواب.

ولو كانَتْ له امرأتان رشيدة مطلقةٌ ومحجورٌ عليها، فقال: طلَّقْتُكُمَا على كذا، فقَبِلَتَا، وقع الطلاق على المطلقة بائِناً، وعليها مهْرُ المِثْل على الأصحِّ، وعلى السفيهة رجعيّاً، وإن قبِلَتْ إحداهما وحْدها لم يقع عليها شيْءٌ، ولو كانتا سفيهتين، فقال: طلقتكما على ألف، فقبلتا، وقَعَ الطلاق عليهما رجْعِيّاً.

وإن قبِلَتْ إحداهما وحدها لم يقع شَيْء، ولو ابتدأتا فقالتا: طلِّقْنَا على كذا، فطلقهما، وقَعَ الطلاقُ على السفيهة رجعيّاً وعلى الأخرى بائِناً، وإن أجاب السفيهةَ وقَع


(١) في ز: يتساويان.

<<  <  ج: ص:  >  >>