للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ضمنت، لم يقعَ الطلاق؛ لأن التَّعْلِيق بالضمان، ولو ضمنت ما دون الألْف، لم يقَعْ، ولو ضمنت ألفين، وقَع؛ لوجود الصفة المعلَّق عليها مع مزيد بخلاف ما لو [قالَ]، (١): طلَّقْتُكِ على ألْف فقالت: قبِلْتُ على ألْفين؛ لأن تلك الصيغة صيغةُ معاوضة، يشترط فيها توافق الإِيجاب والقبول.

والثانية: سيأتي القَوْلُ في تفويض الطلاق إلى المرأة بعوض وغير عوض وأحكامه في فصل معقود له في "كتاب الطلاق" وذكرها هُنا صورةٌ يَتَعَلَّق بالتفويض؛ وهي أن يقول أمْرُك بيدك، أو جعلْتُ أمر الطلاق إليْكِ، فَطَلِّقِي نفْسَكِ إن ضمنت لي ألفاً، فقالَتْ: ضمنْتُ وطُلِّقْتُ نفسي أو قالت: طلِّقْتُ وضَمِنْتُ فتحصل البينونة، ويلزم الألْف، ويكونان متساوقين، سواءٌ قدَّمَتُ لفظ الطلاق على الضمان، [أو أخرت] (٢)، كما لو قال الزوج: طلقتُكِ، إن ضمِنْتِ لي ألفاً، فقالت: ضَمِنْتُ، يقع الطلاق، ويثبت المال متساوقين، وإن كان اللفظان متعاقبين، فلو ضمِنَتْ ولم تطلَّقْ أو طُلِّقَتْ، ولم تَضْمَنْ لم يقع الطلاق؛ لأنه فوض إليها التطليق وجعل له شرطاً، فلا بدّ من مباشر التطليق، ومن الشَّرْط، ولا تشترط -والصورة هذه- إعطاءُ المَال في المجلس، والظاهر أنَّه يشترط وقوع التطليق في المَجْلس, وفي "أمالي السرخسي" حكايةُ خلافٍ في أنَّه هل يشترط وقوع التطليق في المَجْلس؟ وذلك يقتضي اشتراط التطليق أيْضاً وإلاَّ فالضمانُ مجرَّد وعْدٍ، وليس فيه التزامٌ محقَّقٌ، والمراد من المجْلِسِ مجلسُ التواجب، أو المجلس الَّذي جَرَى فيه الخِطَابُ فيه وجهان:

أصحُّهما: الأول وقد بيناهما في الفصل الثالث من الباب الأول من الخُلْع، ورجح القاضي أبو الطيِّب الوجْه الثاني، وذكر أن البويطي صرَّح به في تفسير لفظ الشافعيِّ -رحمه الله- ولا يخْفَى أن المراد من الضمان في هذه المسائلِ القَبُولُ والالتزامُ، دون الضمان المفتقر إلى الأصيل.

قَالَ الغَزَالِيُّ: (الثَّانِيَةُ): إِذَا عَلَّقَ بِالإِقْبَاضِ أَوِ الاِعْطَاءِ أَوِ الأَدَاءِ اخْتَصَّ بِالمَجلِسِ إِلاَّ إِذَا قَالَ: مَتَى مَا، وَكَذَا إِذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إِنْ شِئْتِ لَمْ تُطَلَّقْ اِلاَّ بِمَشِيئَةٍ فِي المَجْلِسِ، وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ عَلَى أَلْفٍ إِنْ شِئْتِ فَقَالَتْ شِئْتُ وَقَبِلْتُ في المَجْلِسِ طُلِّقَتْ، وَلَوِ اقْتَصَرَتْ عَلَى أَحَدِ اللَّفْظَيْنِ كَفَى عَلَى أَصَحِّ الوَجْهَيْنِ.

قال الرَّافِعِيُّ. قد سبَق أنَّه إذا علَّق الطلاق بالإِعطاء، لا يقع إلا بالإِعطاء في المجلس؛ إلا إذا كان التعليق بصيغةِ "مَتَى" وَمَا في معناها، ورُوِّينَا عن أحمد -رحمه الله


(١) سقط في ز.
(٢) سقط في ز.

<<  <  ج: ص:  >  >>