للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- أنه لا يختص بالمجلس وهو وجْه لبعض الأصحاب، وكل ذلك جارٍ فيما إذا قال: إنْ أقبضْتِنِي كَذَا، أو أدَّيْتِهِ لِي، ولو قال: أنْتِ طالقٌ، إنْ شئْتِ، أو أنتِ طالقٌ على ألف، إن شئْتِ، فيشترط المشيئةُ في مجلس التواجب بخِلاَفِ التعليق بسائر الصفات؛ لأن التعليق بالمشيئة كاستدعاء جواب منها واستبانة لرغبتها؛ فنُزِّلَتْ مشيئتها منزلة القبول في سائر المعاوضات، وأيضاً فإنَّه يتضمن تخيير الزوجة وتفويض الأمر إليها، فأشبه ما إذا قال: طلِّقِني نفْسَكِ، وحكى الحناطي قولاً آخر: أنَّه لا يختص بالمجلس، ويقع الطلاق متى شاء، كما في سائر التعليقات، والمجلس كما في مجلس التواجب، ولو شاءت بعد ما طال الفَصْل، وهما في مكانهما، لم يقع الطلاق، ولو فارقت المكان وشاءت قَبْل أن يمضي فاصل، وقع، هذا هُوَ الظاهر، وفي كل واحد من الطرفين وجْه آخر.

وإذا قالت في المجلس شئْتُ وقبِلْتُ، فقد تم العقد، فتطلق، ويلزم (١) المال ولا يشترط تسليم المال في المجلس.

ولو اقتصرت على قولها: شئْتُ أو قبلْتُ، فحاصل ما ذكر فيه ثلاثة أوجه:

أحدها: وهو الأصحُّ عند صاحب الكتاب أنَّه يكفي؛ لأن كل واحد منهما يُشْعر بالرضا والالتزام، وهذا قضية المنقول عن الشيخ أبي حامد.

والثاني: لا بدَّ من الجَمْع بينهما؛ لأنه لو اقتصر على قوْلِه: أنْتِ طَالِقٌ، كان الجواب: قبِلْتُ، ولو اقتصر على قوله: أنْتِ طالقٌ إن شِئْتِ كان الجوابُ: شِئْتُ، فإذا جمع بينهما، اشترط في الجواب الجمع.

والثالث: أنَّه يكفي قولها: شئت ولا يكفي قولها قَبِلْتُ؛ لأن التعليق وقع على المشيئة، والقبول ليس بمشيئته، ولذلك لك لو قال: أنتِ طالقٌ، إن شئْتِ، فقالت: قبِلْتُ لم يقع الطلاق، وهذا ما أورده في "التتمة"، وهو اختيار الإِمام فيما حكى المعلق (٢) عنه، وإذا اكتفينا بلفظ المشيئة، فقد قال المصنّف في الوسيط (٣): إنَّه لا سبيل للزوج إلى الرجوع على قاعدة التعليقات، وإن شرَطْنا الجمْع بين لفظتي المشيئة والقبول، فهو متردّد بين التعليق والمعاوضة، ففي جواز الرجوع تردُّد ولو علَّق طلاقها بالمشيئة، بصيغة "مَتَى" طُلِّقَتْ، متى شاءت، ولم يختص بالمجلس، كما في [التعليقات] (٤) بسائر الصفات.


(١) قال في الخادم هذا تفريع من الحناطي والرافعي على اشتراط الجمع بين القبول والمشيئة إذا ابتدأ الزوج بذلك.
(٢) قال النووي: هذا الثالث، هو الأصح بل الصحيح.
(٣) في أ: البسيط.
(٤) سقط في ز.

<<  <  ج: ص:  >  >>