للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اقتصار منه على الجواب الأصح في الثوب المُطْلَق، وفي المُعيَّن والله أعلم ولا يَخْفَى مما تقدَّم أن الإِعطاء في جميع صور الفصل ينبغي أن يقع في المجلس، والله أعلم.

قَالَ الغَزَالِيُّ: وَلَوْ قَالَ: إِنْ أَعْطَيْتِنِي هَذَا الثَّوْبَ المَرْوِيَّ فَإِذَا هُوَ هَرَوِيٌّ طُلِّقَتْ عَلَى وَجْهٍ وَإِنَّمَا هُوَ غَلَطٌ فِي الوَصْفِ، وَلَوْ قَالَ: خَالَعْتُ عَلَى هَذَا الثَّوْبِ عَلَى أنَّهُ هَرَوِيٌّ فَإِذَا هُوَ مَرْوِيٌّ نَفَذَتِ البَيْنُونَةُ وَللِزَّوْجِ خِيَارُ الخُلْفِ فِي العِوَضِ دُونَ الطَّلاَقِ.

قال الرَّافِعِيُّ: فيه صورتان:

إحداهما: لو قال: إن أعطيْتنِي هذا الثوبَ، وهو هَرَوِيُّ، فأنت طالقٌ، فأعطته، وبان مروياً، لم يقع الطلاق؛ لأنه علق الطلاق بإعطائه، بشَرْط كَوْنِهِ هَرَوِيًّا, ولم يوجد هذا الشرط، فأشبه كما إذا قال: إن أعطيتني هذا الثوب، فأنْتِ طالِقٌ إن كان هرويًّا، ولو قال: إن أعطيتِنِي هذا الثوبَ الهروِيَّ؛ فإذا هو مَرْوِيٌّ أو بالعكسِ، فوجهان عن القاضي الحُسَيْن.

أحدهما: أنها لا تُطلَّق كما في الصورة السابقة؛ تنزيلاً له على الاشتراط.

والثاني: تُطلَّق؛ لأنه أشار إلى عين الثوب، وكونه هرويّاً لم يذكره على صيغة الاشتراط بل الصيغة صيغة واثق بحصول هذه الصفة لكنَّه أخطأ فيه، وهذا أشبه.

الثانية: لو خالَعَها على ثوْبِ هَرَوِيٍّ، ووصف كما ينبغي فأعطَتْه ثوباً بتلك الصِّفَات على اعتقاد أنه هروي، فَبَانَ أنه مروي فيردّه، ويطالب بثوب هروي بالصفات المذكورة، ولو خالَعَها على ثوب بعينه على أنه هَرَوِيٌّ، فبان مرويًّا، نفذت البينونة، وملكه الزوج، واختلاف الصفة كَعَيْبٍ يوجد فيه، فله خيار الخُلْف، وفي "شرح مختصر الجُوَيْني" وجه: أنه إن كانت قيمة المرويِّ أكثر أو لم يكن تفاوتٌ فلا رد لأن الجنس واحد، ولا نقصان، والظاهرُ الأول، وإذا رد رجع إلى مهر المثل، على أصح القولين وإلى قيمة ثوب هروي في الثاني، فإن وجد به عَيْباً بعْد تلفه أو تعيبه في يده، ولم يمكنه الردُّ، فيرجع بقدر النقصان من مهر المثل في أصح القولين، ويقدر ما انتقص من القيمة في الثاني، وليس له المطالبة هاهنا بثوب هروي, لأنه معين العقد.

قال أبو الفرج السرخسي: وهَذَا على قولنا: إن اختلاف الصّفَة لا تُنَزَّل منزلة اختلاف العَيْن، وفيه قولان ذكرناهما في النكاح، فإن نَزَّلْناه منزلة اختلاف العين، فالعِوَضُ فاسدٌ، فليس له إمساكُهُ ويرجع إلى مَهْر المثل، أو بدل الثوب لو كان مرويَّا على اختلاف القولين، ولو خالَعَها على ثوب بعينه على أنَّه كتَّان، فبان قُطْناً أو بالعكس، فالذي ذكره الشيخ أبو حامد والقاضي أبو الطيِّب وأصحابُنا العراقيون أن العوض فاسدٌ وإن نفذت البينونة؛ لأن الاختلاف هاهنا راجعٌ إلى الجنس، وفي الصورة

<<  <  ج: ص:  >  >>