للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اخْتَصَّ الجَوَابُ بَالمَجْلِسِ، بِخِلاَفِ قَوْلِهِ لَهَا: مَتَى مَا أَعْطَيْتِنِي، وَلَوْ قَالَتْ: إِنْ طَلَّقْتَنِي فَأَنْتَ بَرِيْءٌ مِنَ الصَّدَاقِ فَطَلَّقَ فَهُوَ رَجْعِيٌّ وَلاَ يَحْصُلُ البَرَاءَةُ لأَنَّ تَعْلِيقَ البَرَاءَةِ لاَ يَصِحُّ، وَلَوْ قَالتْ: طَلِّقْنِي وَلَكَ عَلَيَّ أَلْفُ فَطَلَّقَ لَزِمَهَا الألْفُ وَصَلُحَتْ هَذِهِ الصِّيغَةُ مِنْهَا للالْتِزَامِ وَإِنْ لَمْ يَصْلُحْ مِنْهُ للالْتِزَامِ، وَلوْ قَالَ: بِعْنِي وَلَكَ عَلَيَّ أَلْفٌ فَذَلِكَ لاَ يُحْتَمَلُ في البَيْعِ عَلَى أَحَدِ الوَجْهَيْنِ، وَلَوْ قَالَتْ: طَلِّقْنِي عَلَى أَلْفٍ فَقَالَ: طَلَّقْتُ وَلَمْ يَذْكُرِ المَالَ فَلَهُ أَنْ يَقُولَ: لَمْ أقْصِدِ الجَوَابَ حَتَّى يَكُونَ رَجْعِيّاً، وَلوْ قِيلَ لَهُ: أَطَلَقْتَ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، فَهُوَ مُتَعَيِّنٌ لِلْجَوَابِ لأَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَقِلٍّ.

قال الرَّافِعِيُّ: ضمن الباب فصولاً:

أحدها: في ألفاظ المرأة في سؤال الطلاق.

والثاني: في سؤال عَدَدٍ معيَّن من الطلاق.

والثالث: فيما إذا سألت طلاقاً معلقاً بزمان، ثم عقد فصلاً في خلع الأجنبي، وليست له قرابة تختص بهذا الباب، ولو أورده في باب مُفْرَد، أو في الركن الثاني من أركان الخُلْع، وهو القابل لَكَانَ أحْسن، أما الفصل الأول؛ ففيه صور:

منها: أن قول المرأة: طلِّقْني بكذا، أو على كذا صيغةٌ صحيحةٌ في الالتزام، وكذا في قولها: طلِّقْني على أن عليَّ كذا، أو على أن أعْطِيَكَ كذا أو أضمن لك وفي معناها قولها: إنْ طلَّقْتَنِي أو إذا طلقتَنِي فلك عليّ كذا، ويختص الجواب بالمَجْلس، وكذا لو قالت: متى ما طلَّقْتَني، ويختص الجواب بالمجلس، بخلاف قول الرجل: مَتَى ما أعطْيتِنِي كذا، فأنت طالِقٌ، وهذا قد سبق بتوجيهه.

ومنها: لو قالت: إنْ طلَّقْتَني، فأنت بريْءٌ من الصداق، أو فقد أبرأْتُكَ، فقال: قد طلقْتُكِ، وقع الطلاق رجعيّاً ولم يبرأ عن الصداق؛ لأن تعليق الإِبراء لا يصح، وطلاق الزوج طمعاً في البراءة من غير لفظ صحيح في الالتزام، ولا يوجب عوضاً وهاهنا كلامان:

أحدهما: أنه قد مر في باب الضَّمَان أن تعليق الإِبراء صحيحٌ على القديم، وأن معنى الإِسقاط يقتضي المسامحة في الجديد أيضاً، فالذي أطلق هاهنا الجواب على الجديد على الأظهر في أن تعليق الإِبراء لا يصح.

والثاني: أنه وإن لم يصحَّ الإِبراء، فالزوج طَلَّقَ طمعاً في حصول البراءة، وهي رَغِبَتْ في الطلاق بالبراءة فكان لا يبعد (١) أن يقال: هذا عوضٌ فاسدٌ، فأشبه ما إذا ذكر


(١) في ز: الأبعد.

<<  <  ج: ص:  >  >>