للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خمراً (١) أو خنزيراً.

ومنها: لو قالت: طَلِّقْني ولك عليَّ ألفٌ، فقال: طلَّقْتُ حصَلَتِ البينونة، ولزم الألْف؛ لأن هذه الصيغة تصلح للالتزام، قال الله تعالى: {وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ} [يوسف: ٧٢] والإِتيان بها عقيب سؤال الطلاق قرينةٌ دالَّةٌ عليه، ويخالف ما إذا قال الزوج: طلقْتُكِ ولي عليك كذا؛ فإنه لا يصلح للالتزام للمال على ما مر، وعند أبي حنيفة، وهو وجه عند بعض الأصحاب أنَّه لا يثْبُت العِوَض كما لا يثبت، إذا قال الزوج: طلقْتَكِ ولي عليك كذا؛ وهذا لأن قولها: وَلَكَ عليَّ كذا بالوعد أشْبَهَ منه بالالتزام؛ فعلى هذا إن اقتصر على قوله: طلَّقْتُكِ، يقع الطلاق رجعيّاً وإن قال: طلَّقْتُكِ على ألف، احتاج إلى قَبُولها، قال أبو سعيد المتولي: ويقْرُبُ من هذه الصورة ما إذا قالت: طلِّقْني وأضْمَنُ لك ألفاً، ولو قالت: وأعطيك ألفاً، فالأظهر أنه إذا قال طلقها مطلقاً، يقع رجعيًّا؛ لأن لفظ الضمان يُشْعِر بالالتزام، والإِعطاءُ بخلافه، ولم يطَّرِد الوجه المذكور هاهنا في الجعالة، بل لو قال: رُدَّ عبدي وَلك عليَّ كذا، فرَدَّ لزم المالُ بلا خلاف، ولو قال المشتري: بِعْنِي هذا ولك عليَّ كذا، فقال بِعْتُ، ففي انعقاد البيع وجهان:


(١) قال في المهمات: هذا منقول صرح به الخوارزمي في "الكافي" فنقل في المسألة وجهين وجزم به المصنف في آخر الباب الخامس من الخلع نقلاً عن القاضي الحسين. وقال الشيخ البلقيني: الذي أقوله إن الزوج إن كان جاهلاً بحيث يظن الصحة فالأمر كما قال القاضي، وإن كان عالماً ببطلان تعليق البراءة فطلاقه يظهر أنه لم يطمع به في مال ولا شيء له ويقع الطلاق رجعياً ولذلك أنظار في الباب.
قال في الخادم: من أعيان المسائل المهمة أن يكون الالتماس من جهة الزوج كما إذا قال إن أبرأتني من صداقك فأنتِ طالقٌ فأبرأته وهما يعلمان ولم يتعرض الرافعي لها في هذا الباب، وإنما ذكرها في أواخر التعليقات من الطلاق فقال: وفي فتاويه أنه يقع رجعياً وأن القاضي قال في تعليقه أنه يقع بائناً. قال. أعني صاحب الخادم: وهذا كله إذا كانت تعلم الصداق وهي جائزة التصرف في أمرها أما إذا كانا يجهلان مقدار الصداق فظن كثير من الناس أنها إذا أبرأته تطلق ويرجع إلى مهر المثل؛ لأنه خلع بمجهول وهنا غلط؛ لأن المجاهيل التي يرجع فيها إلى البدل هي إذا عقد الخلع بها أما إذا وقع في التعليق كما إذا قال إن إبرأتني من كذا وهو مجهول لم يقع الطلاق تغليباً لشائبة التعليق فلم توجد الصفة فلا يقع طلاق، وهذه قاعدة عظيمة التعليقات وإنما خرجوا عنه في مسألة واحدة وهي ما لو قال إن أعطيتني عبداً فأنتِ طالقٌ فتطلق بأي عبد دفعته فأجروه مجرى العقود مع أنه تعليق.
ثم قال بعد ذلك: وفي "الكافي" لو قال إن إبرأتني عن الصداق ونفقة العدة فأنتِ طالقٌ، فأبرأته عنهما قال القفال: لا يقع شيء؛ لأنه علق الطلاق بصفتين جائزاً عن الصداق وعن نفقة العدة وهي غير واجبة فلا يصح الإِبراء عنها، ومتى فاتت إحدى الصفتين لا يقع شيء.
وهذا الفرع الأخير ذكره الأذرعي في القوت نقلاً عن القفال، ونقله غيره عن القاضي حسين.

<<  <  ج: ص:  >  >>