أو يكون منقطعًا عنه مستقلاً بنفسه، فإن كان موصولاً بما بعده على معنى أنه مقول على قولنا: أنه يركع ويسجد ويقعد لابثاً، فيكون هذا إثباتًا للخلاف في الاستقبال مع الحكم بإتمام هذه الأركانِ، لأن استقبال [هذا](١) الراكب الذي بيده زمام دابته مختلف في وجوبه، ولا خلاف في وجوب الاستقبال عند التحرم على هذا المذهب، كذلك ذكره إمام الحرمين وغيره، وهو المعقول. وإن كان مستقلاً بنفسه منقطعًا عما بعده كان هذا إثباتاً للخلاف في أنه، هل يلزمه الاستقبال عند التحرم على الإطلاق؟ والظاهر القطع، بأنه يلزمه ذلك؛ لأن الظاهر أنه يتم الركوع والسجود، وحينئذ لا خلاف فيه على ما ذكرناه، وإنما الخلاف فيه على القول المخرج، فكان ينبغي أن يرتبت قوله:(استقبال الماشي كمن بيده زمام دابته) على القول المخرج كما نقله الإمام.
وقوله في حكاية القول المخرج: أنه يومئ في ذلك كله ويرجع إلى الركوع والسجود دون القعود، وإن عمم اللفظ فإنه لا إيماء إلى القعود، بل يعتدل قائماً بعد الإيماء بالسجود ويتشهد فيقع قيامه بدلاً عن القعود كما يقع القعود بدلاً عن القيام في حق العاجز عن القيام ثم صوب الطريق، حيث لا يجب استقبال القبلة، يكون بدلاً عن القبلة في حق الماشي كما ذكرناه في الراكب ويعود فيه إلى المسائل السابقة.
قال الرافعي: يجب أن يكون ما يلاقي الراكب وثيابه طاهراً من السرج وغيره. ولو بالت الدابة أو وطئت نجاسة لم يضر، لأن تلك النجاسة لا تلاقي بدنه وثيابه، ولا هو حامل لها، بل لو كان السرج نجساً فألقى عليه ثوباً طاهراً وصلى عليه جاز، أما لو أوطأ الدابة نجاسة فالذي ذكره في الكتاب أن ذلك لا يضر، كما لو وطئت بنفسها، وكذلك أورده صاحب "النهاية" لكن قال في "التتمة": لو سيرها على النجاسة عمداً بطلت صلاته لإمكان التحرز عنها، فليكن قوله:(بخلاف ما لو أوطئ فرسه نجاسة) معلماً بالواو، وأما الماشي فلا كلام في أنه لو مشى على نجاسة قصداً فسدت صلاته؛ لأنه يصير ملاقياً لها بخفة الملبوس، ولا يجب عليه التحفظ والاحتياط في المشي؛ لأن النجاسات تكثر في الطرق وتكليفه التحفظ يشوش عليه غرض السير، ولو انتهى إلى نجاسة ولم يجد معدلاً عنها فقد قال إمام الحرمين: وهذا فيه احتمال:
قال: ولا شك أنها لو كانت رطبة فمشى عليها بطلت صلاته وإن كان عن غير