للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمصنف، فقال: ويركع ويسجد ويقعد لابثاً في هذه الأركان إلى آخره، ونفى الشيخ أبو حامد والعراقيون من أصحابنا هذه الزيادة، وقالوا: لا يجب القعود، بل يمشي في حال التشهد كما في حال القيام، وهو ظاهر المذهب، لطول زمان التشهد كالقيام، وهذا ما أورده الشيخ الحسين وأبو سعيد المتولي، ثم ذكر إمام الحرمين أن ابن سريج خرج قولاً [ثالثًا] (١) أنه لا يلبث ولا يضع جبهته على الأرض بل يومئ راكعًا وساجداً كالراكب، لأن كثرة اللبث قد يفضي إلى الانقطاع عن الرفقة ويشوش عليه أمر السفر، وعلى هَذا فيجعل السجود أخفض من الركوع كالرَّاكِبِ، ولا يقعد في التشهد، وحكى الشيخ أبو محمد هذا القول المنسوب إلى ابن سريج عن القفال، وأنه أوَّلَ نص الشافعي -رضي الله عنه- على الاستحباب.

قال الشيخ: ثم وجدت ما ذكره القفال منصوصاً للشافعي -رضي الله عنه- فحصل في الأركان المذكورة، هل يتمها الماشي لابثاً أم لا؟ قولان منصوص ومخرج على ما ذكره في الكتاب، أو منصوصان على ما رواه الشيخ، ويترتب على ما ذكرناه القول في استقبال القبلة، أما إذا قلنا: إنه يركع ويسجد ويقعد لابثاً فيها فلا شك في أنه يستقبل القبلة فيها، ويتحلل عن صلاته وهو مستقبل، وإذا لزم الاستقبال في هذه الأحوال فهو عند التحرم ألزم، فإن الراكب يستقبل عند التحرم على الأظهر، وإن لم يستقبل في سائر الأفعال والأركان، وإن استثنينا حالة التشهد عن النص وقلنا: لا يقعد فيها بل يمشي، ففي وجوب الاستقبال عند السلام وجهان، كما قدمناهما في الراكب، وأما إذا قلنا: بالاقتصار على الإيماء فلا يجب الاستقبال في الركوع والسجود ولا في التشهد، وحكمه التحرم حكم الراكب الذي بيده زمام دابته.

والحاصل من الخلاف الذي سبق في هذا الراكب وجهان:

أظهرهما: لزوم الاستقبال، فكذلك في الماشي.

وإذا عرفتِ هذا فلك في عبارة الكتاب -أعني- قوله: (أما الماشي فاستقباله كمن بيده زمام دابته) نظران:

أحدهما: أنه أطلق الكلام إطلاقًا ولم يقيد بحالة التحرم، ومعلوم أن استقبال الماشي ليس كاستقبال من بيده زمام دابته على الإطلاق، فإن الراكب لا يؤمر بالاستقبال في الركوع والسجود وإن كان بيده زمام دابته، والماشي يؤمر به على الأظهر.

والثاني: أنه قيد بحالة التحرم، لكن هذا الكلام إما أن يكون موصولاً بما بعده،


(١) سقط في ط.

<<  <  ج: ص:  >  >>