للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على ظهر الكعبة فلا فرق، وإن كان بين يديه شاخص من نفس الكعبة فإن كان قدر مؤخرة الرَّحْل جاز، وإلا فلا كما ذكرناه في العتبة، ويجري الوجهان الآخران المذكوران في العتبة فيما نحن فيه.

أحدهما: اشتراط كون الشاخص بقدر قامة المصلي.

والثاني: الاكتفاء بأي قدر كان.

ولذا عرفت ذلك فلو وضع بين يديه متاعاً لم يكفه، وإن استقبل بقية حائط أو شجرة نبتت في العرصة جاز، وكذا لو جمع ترابها واستقبله، أو حفر حفرة ووقف فيها، وكذا لو وقف في آخر السطح، أو العرصة وتوجه إلى الجانب الآخر وكان الجانب الذي وقف فيه أخفض من الجانب الذي استقبله يجوز، ولو نبتت حشيشة وعلت قال في "النهاية": لا حكم لها في الاستقبال، وألحق صاحب "التهذيب" الزرع بالشجرة، وما ذكره الإمام أظهر، ولو غرز عصا أو خشبة فوجهان:

أحدهما: يكفي لحصول الاتصال بالغرز، ولذلك تعد الأوتاد المغروزة من الدار وتدخل في البيح.

وأصحهما: لا كما لو وضع متاعاً بين يديه، ومطلق الغرز لا يوجب كون المغروز من البناء، والأوتاد جرت العادة بغرزها لما فيها من المصالح فقد تعد من البناء لذلك، والوجهان في الغرز المجرد، أما لو كانت مثبتة أو مسمرة كفت للاستقبال، نعم قال إمام الحرمين: الخشبة وإن كانت مثبتة فبدن الواقف خارج عن محاذاتها من الطرفين فيكون على الخلاف الذي يأتي ذكره فيمن وقف على طرف ونصف بدنه في محاذاة ركن من الكعبة.

قال الغزالي: وَالوَاقِفُ فِي المَسْجِدِ لَوْ وَقَفَ عَلَى طَرَفٍ وَنصْفُ بَدَنِهِ فِي مُحَاذَاةِ رُكْنٍ، فَفِي صِحَّةِ صَلاَتِهِ وَجْهَانِ، وَلَوِ امْتَدَّ صَفٌّ مُسْتَطِيلٌ قَرِيبٌ مِنَ البَيْتِ، فَالخَارجُ عَنْ سَمْتِ البَيْتِ لاَ صَلاةَ لَهُ، وَهَؤُلاَءِ قَد يُفْرَضُ تَرَاخِيهِمْ عَنْ أُخْرَيَاتِ المَسْجِدِ، فَتَصِحُّ صَلاتُهُمْ لِحُصُولِ اسْمِ الاسْتِقْبَالِ.

قال الرافعي: سنذكر اختلاف قول في أن المطلوب في الاستقبال عين الكعبة أو جهتها، وذلك الخلاف في حق البعيد عن الكعبة، أما الحاضر في المسجد الحرام فيجب عليه لا محالة استقبال عين الكعبة؛ لأنه قادر عليه، وقد روينا أنه -صلى الله عليه وسلم- "دَخَلَ الْبَيْتَ ثُمَّ خَرَجَ فَاسْتَقبَلَهُ وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ قَالَ: هذِهِ الْقِبْلَةُ" (١) أشار إلى عين الكعبة


(١) تقدم.

<<  <  ج: ص:  >  >>