للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هي بحامل ولا صغيرة ولا آيسة، والبدْعيُّ طلاقُ المَدْخُول بها في حَيْض أو نفاس أو في طهر جامَعها فيه، ولم يَبنْ حمْلُها، وقد يبهم، فقال: البدعي طلاق المحرم إيقاعه في حق الَّتي يصَوِّرُها التحريم؛ وعلى هذا الاصطلاح يستمر ما اشتهر في المذهب أن غير المَمْسُوسة لا بدْعَة في طلاقها ولا سنَّة، وكذا اللَّوَاتي يلتحقن بها؛ وعلى هذا فالطلاق ينقسم إلى سُنِّيٍّ وبدْعيٍّ، وإلى ما ليس بسنِّيِّ ولا بدعيِّ، ثم ذكر الأصحاب أن ما لا يحرم من الطلاق ينْقَسِم إلى: واجب، ومحْبُوب، ومكروه؛ أما الواجب: ففي حق المولى إذا مضَتِ المدَّة ويؤمر بان يفيء أو يطلّق، وعند الشقاق إذا رأى الحَكَمان التفريق، يجبُ التفريق.

وأما المَخبُوب فهو إذا كان يقصِّر في حقها؛ لبغض وغيره، وإذا لم تكن عفيفة، فخاف منها إفْسَاد الفراش. وأما المكروه؛ فهو الطَّلاق عند الالتئام وسلامة الحال، رُويَ أنَّه -صلى الله عليه وسلم- قال: "أَبْغَضُ المُبَاحَاتِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى الطَّلاَقُ" (١).

وأما المحرَّم من الطلاق، فلتحريمه سببان (٢):

أحدها: وقوعه في حال الحَيْض إذا كانت مَمْسوسة، وكانت ممن تعتد بالأقراء، قال الله تعالى: {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: ١] أي للوقت الَّذي يشرعن في العدة.

رُوِيَ عن النبي -صلى الله عليه وسلم- "أنَّه قَرَأَ "لقُبُلِ عِدَّتِهِنَّ" (٣) وتكلموا في أنَّه قراءة أو تفسير،


(١) رواه أبو داود وابن ماجه والحاكم، من حديث محارب بن دثار عن ابن عمر بلفعل: الحلال. بدل المباح، ورواه أبو داود والبيهقي مرسلاً ليس فيه ابن عمر، ورجح أبو حاتم والدارقطني في العلل والبيهقي المرسل، وأورده ابن الجوزي في "العلل المتناهية" بإسناد ابن ماجه وضعفه بعبيد الله بن الوليد الوصافي وهو ضعيف، ولكنه لم ينفرد به فقد تابعه معروف بن الواصل، إلا أن المنفرد عنه بوصلة محمد بن خالد الوهبي، ورواه الدارقطني من حديث مكحول عن معاذ بن جبل بلفظ: ما خلق الله شيئاً أبغض إليه من الطلاق، وإسناده ضعيف ومنقطع أيضاً، ولابن ماجه وابن حبان من حديث أبي موسى مرفوعاً: ما بال أحدكم يلعب بحدود الله يقول: قد طلقت قد راجعت، بوب عليه ابن حبان: ذكر الزجر عن أن يطلق المرء النساء ثم يرتجعهن حتى يكثر ذلك منه، انتهى. والذي يظهر لي من سياق الحديث خلاف ما فهمه ابن حبان، والله أعلم.
(٢) قال في المهمات: أهمل سبباً ثالثاً ذكره في القسم عن المتولي وهو أن يقسم الواحدة ثم يطلق الأخرى قبل توفية حقها، قال: وهذا سبب آخر لكون الطلاق بدعياً، ولم ينفرد المتولي بما حكاه بل هو مشهور حتى في التنبيه.
قال في الخادم: قد ذكره في الروضة من زوائده وهو كما قال.
(٣) قال الحافظ هو في حديث ابن عمر في طلاق امرأته في بعض طرق مسلم من طريق ابن الزبير أنه سمع عبد الرحمن بن أيمن يسأل ابن عمر، كيف ترى في رجل طلق امرأته، الحديث. وفيه هذا، وأما اختلافهم في أنه قراءة أو تفسير. فقال الروياني في البحر: لعله قرأ ذلك على وجه =

<<  <  ج: ص:  >  >>