للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقبْلُ الشيْء أوَّلُه ومقدَّمُه، ويقال: كان ذلك في قَبْل الشتاء أي أوَّلِه، ووقع السَّهْم بقبل الهَدَف، وطلَّق ابن عمر -رضي الله عنه- أمرأتَهُ، وهي حائضٌ؛ فسأل عمر -رضي الله عنه- رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن ذلك فقال: " مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا، ثُمَّ لْيُمْسِكْهَا حَتَّى تَطْهُرَ، ثُمَّ تَحِيضَ ثُمَّ تَطْهُرَ ثُمَّ إِنْ شَاءَ أَمْسَكَ، وَإِنْ شَاءَ طَلَّقَ فَذَلِكَ العِدَّةُ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ أَنْ تطَلَّقَ لَهَا النِّسَاءُ" (١) والمعنى فيه أن بقية الحَيْض لا يحتسب من العدة، فتطول عليها المدة والانتظار.

وقوله في الكتاب "الحَيْض فيمَنْ تَعْتَدْ بالأقراء" في بعض النسخ بالحيض، والمقصود واحدٌ يعني التي تحيضُ، تتعلَّق عدتها بالحَيْض والطُّهر، ولو لم يذكر هذه اللفظة أصْلاً لجاز؛ فإن الحيض لا يكون إلاَّ لمثل هذه المرأة وقوله: "وَلاَ بِدْعَةَ في طَلاَقِ غَيْرِ المَمْسُوسَةِ وَلاَ سُنَّةَ" وجهه ما قدَّمناه وفي بعض النسخ بدلَ وَلاَ سُنَّةَ والآيسة وهو صحيحٌ أيضاً وقَدْ ذكره (٢) من بعْدُ.

قَالَ الغَزَالِيُّ: وَيَجُوزُ خُلْعُهَا، فَقِيلَ: لأَنَّ ذَلِكَ تَطْوِيلٌ بِرِضَاهَا فَيَجُوزُ الطَّلاَقُ بِرِضَاهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِوَضٌ، وَلاَ يَجُوزُ اخْتِلاَعُ الأَجْنَبِيِّ، وَقِيلَ: إِنَّهُ مُعَلَّلٌ بِضَرْورَةِ الافْتِدَاءِ، وَلاَ يَجُوزُ الطَّلاَقُ بِسُؤَالِهَا، وَيجُوزُ خُلْعُ الأَجْنَبِيِّ، وَكَذَلِكَ يُطَلَّقُ عَلَى المَوْلَى وَإِنْ كَانَ في الحَيْضِ لِلضَّرُورَةِ، وَمَنْ طَلَّقَ فِي حَالِ الحَيْضِ فَيُسْتَحَبُّ أنْ يُرَاجِعَهَا حَتَّى تَطْهُرَ ثُمَّ تحيضَ ثُمَّ تَطهْر ثُمَّ يُطَلِّقْهَا إِنْ شَاءَ لِئَلاَّ يَكُونَ الرَّجْعَةُ لِلطَّلاَقِ، وَتَرَدَّدُوا فِي أنَّهُ هَلْ يُسْتَحبُّ لَهُ أَنْ يُجَامِعَهَا؟ وَقِيلَ: يُرَاجِعُهَا حَتَّى تَطْهُرَ فَيُطَلِّقَ في الطُّهْرِ الأَوَّلِ.

قال الرَّافِعِيُّ: فيه مسألتان:

إحداهما: الطلاق المحرَّم في حال الحَيْض، وهو الطلاق على غيْر مال، أما إذا


= التفسير لا على وجه التلاوة، وقال ابن عبد البرّ: هي قراءة ابن عمر وابن عباس وغيرهما، لكنها شاذة، لكن لصحة إسنادها يحتج بها، وتكون مفسرة لمعنى القراءة المتواترة.
(١) رواه البخاري ومسلم، واللفظ للبخاري، وله عندهما ألفاظ، منها: عند مسلم، وحسبت لها التطليقة التي طلقتها، وفي رواية: فقلت لابن عمر: وحسبت تلك التطليقة؟ قال: فمه، وفي رواية لأبي داود من طريق أبي الزبير عن ابن عمر: فردها علي ولم يرها سيئاً، قال أبو داود: الأحاديث كلها على خلاف هذا، يعني أنها حسبت عليه بتطليقة، وقد رواه البخاري مصرحاً بذلك، ولمسلم نحوه كما تقدم، لكن لم ينفرد أبو الزبير فقد رواه عبد الوهاب الثقفي عن عبيد الله عن نافع: أن ابن عمر قال في الرجل يطلق امرأته وهي حائض، قال ابن عمر: لا يعتد بذلك، أخرجه محمد بن عبد السلام الخشني عن بندار عنه، وإسناده صحيح، لكن يحمل قوله: لا يعتد بذلك على معنى أنه خالف السنّة. لا على معنى أن الطلقة لا تحسب جمعاً بين الروايات القوية، والله أعلم.
(٢) في ب: ذكرناه.

<<  <  ج: ص:  >  >>