للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طلاقاً لا يقع عليْكِ، أو قال لم أُرِدْ إيقاع الطلاقِ، فلا مبالاة بما يقوله لا في الظاهر، ولا في التدين الباطن.

والثانية: أن يكون ما يبديه مقيِّداً لما تلفظ به مطلقاً، كما إذا قال: أنْتِ طالقٌ ثم قال: أردتُّ عند دخول الدار ومجيء الشهر، ولا يُقْبَل في مثل ذلك قولُه ظاهراً وفي التديين خِلاَفٌ.

والثالثة: أن يُرجِعَ ما يدعيه إلى تخصيص عموم، فهذا يدين فيه وفي القبول ظاهراً خلاف.

والرابعة: أن يكون اللفظ محتملاً للطلاق من غير شيوع وظهور فيه، وفي هذه الدَّرَجَة يقع الكنايات، ويعمل فيها بموجب النيَّة.

وقوله: إنما يقبل ظاهراً، أي المؤثر في القَبُول ظاهراً، وإن كان مختلفاً فيه، فامَّا ظهورُ احتمال اللَّفظْ لما يدَّعيه، كما ذكَرْنا من تبيين المُجْمَل، وتخصيص العام، وإما قرينةٌ لتنضم إلَيْه، كما بَيَّنَّا، وفي كلام الأئمة ضَبْطٌ آخَرُ قالوا: يُنْظَرُ في التفسير على خلاف ظاهر اللفظ، إن كان بحَيْث لو وصل باللفظ نطقاً، لَمَا انتظم، فإنَّه لا يُقْبَل في الظاهر، ولا يدين في الباطن، وإن كان بحَيْث لو وصل باللفظ، لانتظم وقُبِلَ في الحكم، فإذا نواه، لا يُقْبَل في الحكم ويَدِينُ فيما بينه وبين الله تعالى.

مثال الأول: ما إذا قال أردتُّ طلاقاً لا يقع علَيْك.

ومثال الثاني: ما إذا قال: أردتُّ عن وَثَاق، أو إن دخلَتِ الدَّارَ والذين رأوا القطْعَ بأنه لا يدينُ في قوله أردتُّ إن شاء الله استثنوا عن الضابط الاستثناء بالمشيئة، فقالوا: ما يُقْبَلُ في الظاهر، لو وصَلَه باللفظ يدين فيه إذا نَوَاه إلاَّ الاستثناء بمشيئة الله تعالى، لو وصله باللفظ، قيل: ولو نَوَاه لا يدين فيه وذكروا وجهَيْن فيما إذا قال لامرأته: أنّت طالقٌ ثلاثاً، ثم قال: أردتُّ إلاَّ واحدةً هل يدين؟ فيه وجهان: فيما إذا قال: أربعكن طوالقُ: وقال: نَوَيْتْ بقلبي إلاَّ فلانةً، هل يدين؟ ففي وجْه يَدِينُ كما لو قال: نِسَائِي طوالقُ، وعزل بعضهن بالنية، وفي وجه لا يدين؛ لأن لفظة الثلاثة والأربعة نص في العدد المعلوم، واستعمالُهما في بعض العدد غيرُ مَعْهود، بخلاف استعمال اللفظ العَامِّ في الخاص، فإنه معْهُود، وهذا أصح على ما ذكره القاضي أبو الطيِّب، وابن الصَّبَّاغ، وغيرهما؛ قال القاضي: ولو قال: فلانة وفلانة وفلانة طوالق، ثُمَّ قال: كنت عزلْت فلانةً بالنِّيَّةْ لمْ يُقْبَل؛ لأن هذا رفْعٌ لِمَا نص عليه؛ ونَسْخٌ وليس بتخصيص عموم.

وهذه فروع أُخَرُ تدخل في الباب الأول.

لو قال: أنتِ طالقٌ كالثلج، أو كالنار، يقع الطلاق في الحال، ويلغو التشبيه

<<  <  ج: ص:  >  >>