عَلَيَّ، فقال في إنكاره: كل امرأة لي طالقٌ، ثم قال: أردتُّ غير المخاصمة، أو لم تكن هناكَ قرينةً.
والأظهر عند القفَّال والمعتبرين: أنَّه لا يُقْبلَ في الظاهر، إن لم تكن قرينة، ويقبل إن وُجِدَتْ قرينة، وهو اختيار القاضي الرُّوياني، ومن هؤلاء من حمل النصَّ على ما إذا وُجِدت القرينة، ونفى بعضُهم الخلاف فيما إذا لم تكُنْ قرينةٌ، وفي بعض التعاليق أن القاضي الحُسَيْن فرَّق بين أن يقول: كلُّ امرأة لي طالقٌ، ثم عزَلَ بعضهن بالنية، وبين أن يقول: نسائِي، وقال: إذا قال نسائِي طوالقُ، ثم قال: كنتُ عزلت ثلاثاً بالنية لم يُقْبَل؛ لأن اسم النساء لا يقع على الواحدة ولو قال عزلت واحدة يُقْبَل، وذكر تفريعاً على هذا وجهين فيما لو عزل اثنين، وأُجري الخلاف في القَبُول الظاهر فيما إذا قال: إن أكلْتِ خبزاً أو تمراً، فأنتِ طالقٌ، ثم فسَّر بنوع خاصٍّ، وطردهما صاحب الكتاب وغيره فيما إذا كان يحل وثاقاً عنها، فقال: أنتِ طالقٌ، ثم قال: أردت الإِطلاق عن الوثاق، وقال: الظاهر القَبُول، وفيما إذا لم توجَدِ القرينة أشَار في سائر كتبه إلى أنَّه لا يجيْء في التدبير الخلافُ المذكُورُ، فيما إذا قال: أردتُّ إن دخَلَتِ الدارَ، وفرق بأن قوله: أنتِ طالقٌ، وإن خصَّصه الشرْعُ برَفْع قيد النكاح، لكنه كالمُجْمَل المبهم من حيْث اللغةُ، ويحتمل أن يكون من الوَثَاق وغيره، فالتفسير بيان للمبهم، وأما التقييدات، فليس لمجرد اللفظ دلالةٌ عليها ولو قال: إن كلَّمْتِ زيداً، فأنت طالقٌ، ثم قال: أردتُّ التكليم شهراً، فيُقْبَل كذا حُكِيَ عن نص الشافعيِّ -رحمه الله-، والمراد على ما نَقَل في "البسيط" و"الوسيط" القبول الباطن، حتى لا يقع في الباطن، إذا كان التكلُّم بعد الشهر (١)، وحاول ردَّه إلى تخصيص العموم، حتى يَدِينَ فيه بلا خلافٍ، فإن اللفظ كالعامِّ في الأزمان، فإذا قال أردتُّ شهراً، فكأنَّه خصص العام، وقد يقابَلُ هذا بمثْلِه، فيقال: اللفظ عامٌّ في الأحوال إلاَّ أنَّه خصَّصه بحال أحوال الدار.
وقوله في الكتاب وَكَذَا لَوْ قَالَ:"أَردتُّ إنْ شَاءَ اللَّه" ليعلَّم وما بيناه.
وقوله "كَمَا لَوْ عاتَبَتْهُ بِنِكَاحِ جَدِيدَةٍ، فقال" وفي بعض النسخ، "كما لو عني بنيته نكاح جديدة"، قال: وهما مقيدان.
وقوله:"والحَاصلُ أنَّه يَدِينُ في كل احْتِمَالِ وَإِنْ بَعْدَ .... " آخره إشارةٌ إلى ضَبْط ما يدين فيه، وما يُقْبَل في الظاهر من التفاسير وشَره ما حُكِيَ عن القاضي الحُسَيْن -رحمه الله- لما يبديه الشخص، ويدَّعيه من النية مع ما أطلقه من اللفظ أرْبَعَ مراتب.
إحداها: أن يرفع ما صرَّح به اللفظ، كما إذا قال: أنْتِ طالقٌ ثم قال: أردتُّ
(١) قال في المهمات ما حكاه عن الغزالي جزم به في الشرح الصغير.