للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأول: المُطْلَق وشرطه التكليف (١)، فلا يقع طلاق الصبيِّ والمجنون، تنجيزاً وتعليقاً، ولو قال المراهقُ: إذا بَلَغْتُ فأنت طالقٌ، ثم بلَغ، لم يقع الطلاق، وكذا المجنونُ، إذا قال: إن أفقْتُ، فأنتِ طالقٌ، ثم أفاق، لأنا لو أوقعنا الطلاق عند [البلوغُ والإِفاقة، لأوقعنا بقولهما السابق، وقولهما لا يصلح للإِيقاع في الحال، فكذلك لا يصَلح الاِيقاع عند الشَّرْط، وكذا لو قالا: أنتِ طالقٌ غدًا، فَجاء الغدُ، وقد بلغ الصبي، وأفاق (٢) المجنونُ، ولا ينقض ما ذَكْرنا بأن يقال: الزَّوْج في وقْت حيْض المرأة، لا يملك طلاق السُّنَّة، ولو قال: أنْتِ طالقٌ للسُّنة ينعقد، ويقع إذا طَهُرت، لأن الذي يعتبره للسُّنة تعليق الطلاق بوقت، ووصف بصفة، فاحتجنا إلى الانتظار.

وأما قولُه: "الرُّكْن الثاني": إلى قوله: "وَجْهَان" التطليقُ إمَّا أن يكونَ بلَفْطٍ أو بغيره، وعلى التقديرين، فامَّا أن يصدر من الزوج نَفْسه، أو ممن فوَّضه إليه، والتفويض إمَّا أن يكون إلى الزوجة أو إلى غَيْرها إن كَان إلى غَيْرها فهُو توكيلٌ، وحكمه قَدْ تبين في "الوكالة" فبقي كلام الرَّكْن مشتملاً على ثلاثةِ فُصُول: فصْل في اللفظ الذي يقَعُ به الطَّلاَق، وفصْل في الأفعال الَّتِي تقُوم به، وفضل: في تفويض الطلاق إلى الزوجة، وما تختص به بهذا التفويض من الأحكام.

أمَّا الفصل الأول: فاللفظ ينقسم إلى: صَرِيحٍ: وهو الذي لا يتوقَّف وقوع الطلاق به على النية [كناية وهؤ ما توقف على نية] (٣) أما الصريح؛ فلا خِلاَف أن لفْظ الطَّلاق


(١) أي يكون مكلفاً فيصح من السفيه والمريض.
(٢) قال النووي هكذا اقتصر الغزالي وغيره في شرط المطلق على كونه مكلفاً، وقد يورد عليه السكران، فإنه يقع طلاقه على المذهب، وليس مكلفاً كما قاله أصحابنا وغيرهم في كتب الأصول، ولكن مراد أهل الأصول، أنه غير مخاطب حال السكر، ومرادنا هنا أنه مكلف بقضاء العبادات بأمر جديد والله أعلم.
قلنا: تقدم في البيع التنبيه على ذلك وأن الشَّافعي نص على أنه مكلف.
قال في المهمات: والاعتذار الذي ذكره آخراً عجيب لا ارتباط له بالسؤال وكأنه انتقل ذهنه من قول الفقهاء يقع طلاقه إلى كونه مكلفاً فشرع يجمع بينه وبين قول الأصوليين أنه ليس مكلفاً.
وقال الشيخ ولي الدين العراقي حمل كلام الفقهاء في أنه مكلف على قضاء العبادات بأمر جديد لا يحصل به الغرض من وقوع طلاقه، فإن وقع طلاقه إن دل على التكليف فهو واقع في حال قيام السكر، وقد حمل التكليف على القضاء بعد الإِفاتة والله أعلم. انتهى.
(٣) قال في الخادم: هذا حكم الصريح لا حقيقته، والأولى أن يعرف بالذي لا يحتمل إلا بمعنى واحداً لأن الرافعي قال في تفسير الكتابة وهي مقابلة له أنها ما احتمل معنيين فصاعداً هي في أحدهما أظهر وفيه نظر لأن هذا ينطبق على النص، وقيل الصريح ما ظهر المراد منه ظهورا بيناً بحيث إنه يسبق إلى فهم السامع المراد به، ثم قال قد استشكل هذا التفسير بقولهم بعده أنه لا بدّ من قصد لفظ الطلاق لمعنى الطلاق ليخرج به النائم ومن سبق لسانه إلى آخر ما ذكره وهذا =

<<  <  ج: ص:  >  >>