للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للعُرْف (١)؛ ألا ترى أن العادة إلاَّ يحلف بهذه اللفظة من لا زوجة له، وفي "فتاوى القاضي الحُسَيْن"، أنَّه لو كان تحته امرأتان، فقال حلال الله عليَّ حرامٌ، إن خِطْتُ في هذه الدار، فخاط يقع على كل واحدةٍ منْهما طلقة، ويوافقه ما ذكر الشيخ الحُسَيْن في فتاويه: أنَّه إذا قال: حلال الله عليّ حرام وَلَهُ أربع زوجات يطلقن جميعاً إلا أن يريد بعضَهُنَّ لكنْ ذكر بعد ذلك أنَّه لو قال: إن فَعَلْتُ كذا، فحلال الله عليَّ حرامٌ، وله امرأتان، ففَعَل ذلك الفعْل، تطلَّق واحدةٌ منهما؛ لأنه اليقين ويؤمر بالتعيين، قال: ويحتمل غيره، فحصل تردُّد (٢).

وعن القَفَّال أنه لو قال: (حلال جداى دركردن من حرام) (٣) (كه فلان كانى بكنم) (٤) لم يكن شيئاً إلاَّ أن يقول (مر كردن من حَرَام) (٥) فقيل له: أليس لو قال (فلان رادركردن من هو كرادارم) (٦) يكون إقْراراً فقال الإِقرار لا يُشْبه هذا، ويمكن أن يكون السَّبَب في ذلك أن صلة الحرمة عليَّ، فقال: حرم عليه كذا، وفي الإِقرار كما يقال لفلانٍ عليَّ كذا، يقال: له في ذمتي كذا.

فَرْعٌ: يقع في لسان أهل العُرْف (هرجه ير نان حلا لست يرمن حرام ولى حس بكنم) (٧) ويُشْبه ألاَّ يجعل هذا، كقول القَائِل: حلالُ اللَّه عليَّ حرام؛ لأنَّه لا يشتهر في


(١) قال النووي: الأرجح الذي قطع به العراقيون والمتقدمون، أنه كناية مطلقاً.
(٢) قال النوري في زياداته: الظاهر المختار الجاري على القواعد، أنه إذا لم ينوهما، لا تطلق إلا إحداهما، أو إحداهن؛ لأن الاسم يصدق عليه، فلا يلزمه زيادة، وقد صرح بهذا جماعة من المتأخرين، وهذا إذا نوى بـ: حلال الله عليّ الطلاق وجعلناه صريحاً فيه والله أعلم.
قلنا: قال في المهمات: سبقه إلى هذا الترجيح ابن الصلاح في فتاويه.
وقال الشيخ البلقيني: وفي العتق لو التزم العتق وله عبيد، لم يلزم عتق الكل قطعاً ولا يجري هذا الخلاف الذي حكاه المصنف وظهر لي في الفرق بينهما أن العتق لا انحصار له فيما يملكه الشخص حالة الحلف بدليل أنه لو ملك عبداً بعد الحلف، جاز له أن يعينه للعتق، وكذا يجوز التزام العتق وأن يملك شيئاً بخلاف الطلاق فإنه محصور فيما يملكه الشخص، فأمكن القول بوقوع الطلاق على رأي. انتهى.
قال الشيخ ولي الدين العراقي: هذا الذي ذكره الشيخ رحمه الله محله في الالتزام بالنذر وفي الحلف بالله صح، أما تعليق العتق على صفة فهو كتعليق الطلاق من غير فرق. انتهى.
ومراده تعليق العتق الحلف من عبده أو عبيده أو مما يملكه، فهذا كتعليق الطلاق بخلاف من لا يملك رقيقاً إذا حلف بالعتق.
(٣) جملة فارسية بمعنى: الانفصال من عملي هذا، فإنه حرام.
(٤) يعني: لأن فلاناً يفعل ما أفعل.
(٥) جملة فارسية بمعنى: إن عملي حرام.
(٦) جملة فارسية بمعنى: إن فلاناً يقع عليه كل ما أنا عليه.
(٧) جملة فارسية بمعنى: كل ما هو حلال على المسلمين، فهو عليّ حرام. إلا أنني أشعر به (ولي حس بكم).

<<  <  ج: ص:  >  >>