للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طَلاَقٌ) (١) فقال: يشبه طلاق، وقال القاضي الحُسَيْن: يَقَع ثلاث طلقات؛ لأنَّ كلامه يترتَّب على كلامها.

ولو قال: (طلاق نها دم تورا) (٢) فعن أبي العبَّاس الروياني: أنَّه يكون صريحاً في إيقاع الطَّلاق عليه، قال: وقيل: هو كما لو قال: وضعتُ عليِّكِ الطلاق، وفي كونه صريحاً وجهان والله أعلم.

وقوله في الكتاب "صريحٌ على الأصحِّ"، يجوز إعلامه بالحاء؛ لأنَّه روي عن أبي حنيفة -رحمه الله- أن قوله: (توهشته اى) (٣) أي إنما يكون طلاقاً إذا نوى وفي تصريحه، بالأصح من الخلاف في قوله: توهشته (وإرسال الخلاف) بصراحة في قوله (دست ما رادا شتم) (٤)، ما يشير إلى قوله توهشته أي أولى بالصراحة، على ما حكَيْنا على القاضي -رحمه الله-.

المسألة الثانية: إذا اشتهر لفظة في الطلاق سوى الألفاظ الثلاثة الصريحة؛ كقول القائل: حلالُ اللهِ عليَّ حَرَامٌ، أو أنْتِ عليَّ حرامٌ أو الحلال أو الحل عليَّ حرام، فهل يلتحق بالصريح (٥)؟ فيه وجُوهٌ:

أظهرها: وهو المذكور في "التهذيب" وعليه تنطبق فتاوى القَفَّال، والقاضي الحُسَيْن والمتأخرين، نعم؛ لغلبة الاستعمال وحصول التفاهم.

والثاني: لا، ورجَّحه صاحب "التتمة" ووُجِّه بان الصرائح تُؤْخَذ من ورود القرآن بها، وتكرُّرها على لِسَان حَمَلة الشريعة، وإلاَّ فلا فَرْق إذا نَظَرْنا إلى مُجَرَّد اللغة والاستعمال بيْن الفراق والبينونة.

والثالثُ: حكى الإِمام عن القَفَّال أنه إن نوى شيئاً آخر من طَعَام وغيره، فلا طَلاَق، وإذا ادَّعاه صُدِّق، وإن لم ينْو شيئاً آخر، فإن كان فقيهاً يَعْلَم أن الكناية لا تَعْمَل إلاَّ بالنية، لم يقعِ طلاق، وإن كان عامِّيًّا، سألْنَاه عما يفْهَم منه إذا سمعه من غيره، فإن قال: يسبق إلى فَهْمي منْه الطلاق، حمَلْنا قوْلَه على ما يفهمه من غيره، قال: وهذه قريبة متوسطة بين الصريح والكناية، ولم ينقل صاحب "التتمة" عن القَفَّال هذا الفصْل الآخر، بَلْ حكي عنْه: أنه إن نوى غير الزوجة فذاك، وإلا حكَمْنَا بوقوع الطلاق


(١) جملة فارسية بمعنى: إنه ليس طلاقاً.
(٢) جملة فارسية بمعنى: أوقعت عليك الطلاق.
(٣) أنتِ مفارقة أو أنتِ طالق.
(٤) جملة فارسية بمعنى: نفضنا يدنا عنك.
(٥) في ز: بالصرائح.

<<  <  ج: ص:  >  >>