للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يتتاول الآحاد، ويجمع بينهما هو اللفظ العَامُّ هذا في حقِّ المنكوحة أمَّا لو قال لأمته: أنْتِ عليَّ كظهْر أمِّي، ونوى العِتْق، فالظاهر أنه ينفَذُ العتق؛ لأنه لا نفاذ للظهار، [كما لا نفاذ للطلاق] وكُلُّ واحدٍ منها يصلح كنايةً عن العتق.

وفيه وجه آخر: أنَّه لا يصلُح كنايةً في العتق؛ لأَنَّه لا يزيل المِلْك، بخلاف لفظ الطلاق واعلم أن المسألة الثانية، وإن كانت مقصودة بالذِّكْر، فإِنما ذَكَرها في هذا الموضع، لانَّها قد تورد إشكالاً على قوْلنا إن الطلاقَ والعِتْق لكُلِّ واحدٍ منهما إشعارٌ بالآخر، فيصلُحُ كناية عنه والفرق ما تبيَّن.

وقوله في الكتاب "كَمَا أَنَّ قَوْلَهُ أَنْتِ طالقٌ كنايةٌ في العِتَاق" يجوز إعلامه بالحاء مع الألف؛ لأن أحمد -رحمه الله- قال في إحدى الروايتين، بمثل قول أبي حنيفة.

قَالَ الغَزَالِيُّ: وَلَوْ قَالَ -لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامُ، فَإِنْ نَوى الظِّهَارَ أَوِ الطَّلاَقَ كانَ كَمَا نَوَى، وَلَوْ نَوَى التَّحْرِيمَ حُرِّمَتْ وَلَزِمَتْهُ كَفَّارَةٌ، وَلَوْ أَطْلَقَ فَالأظْهَرُ أنَّهُ يُوجِبُ الكَفَّارَةَ، وَقِيلَ: إِنَّهُ يَلْغُو لِتَعَارُضِ الاحْتِمَالِ، وَقِيلَ: هُوَ صَرِيحٌ في التَّحْرِيمِ فِي مِلْكِ اليَمِينِ وَيَلْغُو في النِّكَاحِ مِنِ غَيْرِ نِيَّةٍ.

قال الرَّافِعِيُّ: هذه المسألة كثُرَ فيها الخِلاَف بين الصحابة -رضي الله عنهم- فمَنْ بعْدَهم. وصورَتُها: أن يقول لامرأته: أنت عليَّ حرامٌ أو محرَّمة أو حرمتك، والحكم فيها على التفصيل عنْدنا، فإن نوى بقَوْله الطلاقَ، فهو طلاق؛ لأن الطلاق سبَبٌ تحريم به البراءة، فيَصِحُّ أن يكنى: بالحرام عنه، ثم هذا الطلاق يكون رجعيًّا، فإن نوى عدداً، فهو على ما نوى، كما في سائر الكنايات.

وحكى أبو عبد الله الحناطي وجهاً: أنَّه لا يكونُ طلاقاً، إذا فرَّعنا على أنَّه صريح في اقتضاء الكفارة، على ما ستعرفه على الأثَرِ، وهذا وإن كان غريباً، ففيه وفاء بالأصل الذي سبق غيْرَ مرَّة أنَّ اللفظ الصريح إذا وجد نفاذاً في (١) موضوعه لا ينصرف إلى غيره بالنية، ويحْصُل به الاستغناء عن العدد المَذْكُور في أوَّل "الخُلْع" عند التزام هذه المسألة، وإن نَوَى الظِّهار، كان ظهاراً لأن الظِّهار إنما يقتضي التحرْيم إلى أن يكفِّر، فجاز أن يكنى عنه بالحرام، وإن نواهما، فلا يثبتان (٢) جميعاً؛ لأن الطلاق يزيل النكاحَ، والظِّهارُ يستدعي بقاءه، ثم فيه أوجه:

قال ابن الحدَّاد، وأكثر الأصحاب يخيِّر فما اختاره ثَبَت.

وقال بعْضُهم: يكُون طلاقاً؛ لأنه أقوى من حيث إنه يزيل المِلْك.


(١) في ب: يقاد إلى.
(٢) في ب: يبينان.

<<  <  ج: ص:  >  >>