لأنَّه يجُوز، أن يكُون إشَارةٌ إلى الطَّلاق من حيثُ إن الزاد يطلب للفراق، وكذلك حكى الحناطي وجْهاً في قوله:"زَوِّديِني""وَأحْسَنَ اللهُ جزاءك" وغيرهما: أنَّه إذا نوى، وَقَع الطلاق. وعن مالك أن كل لفظة نوى بها الطلاق، وقَع الطلاق، وإن لم يكُنْ فيها مَعْنى الإِزالة.
إحداهما: لو قال لامرأته أنتِ حرَّةٌ أو معتَقَةٌ، أو أعتقتُكِ، ونوى الطلاق، وقَعَ الطَّلاقُ، وكذلك لو قال لعبده، طلَّقْتُك، ونوى العِتْق، يُعْتق؛ لما بين الملكين من المناسبة والمشاركة يصلح كل واحد منهما كنايةً في الآخر وكما أن صريح كل واحد منهما كناية في الآخر، فكناياتهما مشتركة مؤثرة في العقدين جميعاً بالنية، نعم، لو قال لعبده اعْتَدَّ أو اسْتَبرىْء رَحِمَكَ، ونوى العِتْق، لم ينفَذْ؛ لأن الاعتداد واستبراءَ الرَّحِم مستحيلٌ في حقِّه، فلا يصلح كنايةً على المقصود.
ولو قال ذلك لأمته، ونوى العتق، أو لزوجته قبْل الدخول، ونوى الطلاقَ، فوجهان:
أحدهما: أنه لا تصلح للكناية؛ لأنها غير متعرِّضة للعدة.
وأظهرهما: الصحَّة لان لهما محليَّة العدَّة، واستبراء الرحم في الجملة، وذلك كافٍ في صحة الكناية.
وقال أبو حنيفة: صرائحُ الطَّلاقِ، وكناياته لا يكون كنايةً في العتْق إلاَّ قوله: لا سُلْطَانَ لي عليْكِ، ولا مِلْك لي عليك؛ فإنَّه سلم نفوذ الطلاق والعتق جميعاً بهما.
ولنا القياس على ما سلَّمَه، والجامِعُ أنَّها ألفاظٌ تزيل مِلْك النكاح.
الثانية: الطلاق ليس بكناية في الظهار، ولا الظهار في الطلاق، وإن كان كلُّ واحد منهما محتملاً للآخر؛ لِمَا يشتركان فيه من إفادة التحريم؛ وذلك لأنَّه أمكن تنفيذ كل واحد منهما في موضوعه الَّذي هو أصل فيه، فلا يُعْدَل عنه إلى ما هو فرع ومستعارٌ فيه، ولا سبيل إلى الجَمْع بينهما؛ لأن المعنيين اللذين يصلُحُ اللفظ لهما الجَمْع بينهما كما في الأسماء المشتركة، بل تارَةً يستعمل لهذا، وتارَةً يُسْتَعْمل إلى ذلك، وإنما الَّذِي