وقوله:"وقيل ينفذ ما عليه دُونَ مَاله" يُقَارب الطريقة الثالثة من الطُّرق المذكورة في مَحَلِّ القولين، ويخالفها أنَّه ليْس فيها تعرضّ للخلاف في واحد من النوعَيْن، بل ظاهره الجَزْم بنفوذ ما عليْه، وبعدم نفُوذ ماله، وكذلِكَ أوردها صاحب "التهذيب" -رحمه الله-.
وقوله أن يُشْبهَ المَجْنُونَ في الاختلاط في لفظ الاختلاط إشارة إلى اشتراط بقاء بَعْض الفهم والتمييز؛ ليخرج عنْه الَّذِي سَقَط كالمَغْشِيِّ عليه، على ما اختاره.
وقوله:"فلا يَنْفُذُ ما تلفظ به" معلَّم بالواو، ويجوز إعلام قوله:"أن يُشْبه المجنون" أيضاً للعبارات الأُخر، كقولهم أنَّه الَّذي لا يَعْلَمُ ما يقول ونحوه.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: قد سبَق أن أحَد أرْكَانِ الطَّلاق المحلُّ الذي يصادفه ويتوجَّه نحْوه، وهو المرأة، فإن أضاف الطَّلاق إلى كلِّها، فقال: طلَّقْتُكِ أو أنْتِ مطلقة، فذاك، وفي معْنَاه إذا قال جسمك شَخْصُك أو جَسَدك أو جثَّتُك أو نَفْسُك أو ذَاتُك طالقٌ، ولو أضاف الطَّلاق إلى بعْضِها على الإِشاعة، وقع الطَّلاق أيضاً، سواءٌ أبهم فقال: جزءك أو بعضك طالقٌ أو نَصَّ على جزْء معلومٍ كالنِّصف، والربع؛ واحتجَّ لذلك بالإِجماع وبالقياس على العِتْق؛ لأنَّ كلَّ واحد منهما إزالةُ ملْكٍ يحصل بالصَّريح والكناية، ذلك بأن الخَبَر ورد بأن من أعتق شِقصاً من عَبْد يعتق كلُّه، وبأن الرجل من أهْل الطلاق، فلا يمكن إلغاء قوْلِه، ولا يُمْكِن أن يقع الطَّلاق على بعْضها دون بعض؛ لأنَّ المَرْأة لا تتبعَّض في حكْم النِّكَاح، فلم يبْق إلاَّ أن يعمَّم حكمه.
ولو أضاف إلى عُضْو معيَّن، فيقع أيضاً سواءٌ كان عُضواً باطناً، كالكبد، والطّحال، والقلب، أو عضواً ظاهراً كاليد والرجل، سواء كان مما ينفصل في الحَيَاة؛