للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن أبي حنيفة، أنَّه إذا قال: نويت ثلاثة دراهمَ، يلزمه درْهمان؛ لأنَّه ليس للثلاثة سنحة في الغالب، إنما تُوزَنُ بسنحتين، وكذا لو قال: نويْتُ أحد عشر، ولو قال: يا مائة طالق أو أنت مائة طالق، نقل صاحب "التهذيب" و"التتمة" أنه يقع ثلاث طلقات؛ لأنه في العُرْف، كقوله: أَنْتِ طالقٌ مائةً، وذكروا فيما لو قال: أنتِ كمائَةِ طالِقٍ وجْهَيْن (١)؛ في أنه تقع طلقة واحدة أو ثلاث، ولو قال: أنتِ طالقٌ طلقةً واحدةً ألْفَ مرَّة، ولم ينْوِ العدد، لا تقَع إلا طلقة؛ لأن ذكْر الواحدة يقَع؛ لخوف العدد ذكره في "التتمة".

ولو قال: "أنتِ طالقٌ إنْ لَمْ أو أنت طالقٌ إن" قال إسماعيل البوشنجي: يُنْظَرُ؛ إن قصَد به الاستثناء أو التعليق غيْر أنَّه لم يُتِمَّه، فلا أرى [أن] يقع طلاقه، وُيصَدَّق لو فسّر به للقرينة الشاهدة بصِدْقِه، وإن لم يقْصِد الاستثناء، ولا التعليق، يقع الطلاق؛ لأنَّه إن أتمَّ الاستثناء لم يعمل عمله ما لم تكن نيته مقرونة بأوَّل الكلام، فما ظنك بالكلام الأبتر قال: ويقْرُب من هذه المسألة فيما إذا قال: أنتِ طالقٌ واحدةً [فأطبق] على فيه قبْل أن يقول: "ثلاث".

قَالَ الغَزَالِيُّ: (الفَصْلُ الثَّانِي فِي التَّكْرَارِ): فإِذَا قَالَ: أنْتِ طَالِقٌ أنْتِ طَالِقٌ: أنْتِ طَالِقٌ وَنَوَى التَّأْكِيدَ لَمْ يَقَع إِلاَّ وَاحِدَة، وَإِنْ نَوَى الثَّلاَثَ وَقَعَ، وَإِنْ أَطْلَقَ فَيُحْمَلُ عَلَى التَّأكِيدِ أَوِ التَّكْرِيرِ فِيْهِ قَوْلاَنِ، وَإِنْ قَصَدَ بِالثَّالِثَةِ تَأْكِيدَ الثَانِيَةِ وَبِالثَّانِيةِ الإِيقَاعَ وَقَعَتْ ثنْتَانِ، وَإِنْ قَصَدَ بِالثَّالِثَةِ تَأْكِيْدَ الأُوْلَى لَمْ يَجُز لِتَخَلُّل الفَاصِلِ، وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ وَطَالِقٌ وَطَالِقٌ وَقَصَدَ بِالثَّانِي تَأْكِيدَ الأَوَّلِ لَمْ يَجُزْ لِتَخَلُّلِ الوَاوِ، وَلَوْ قَصَدَ بِالثَّالِثَةِ تَأْكِيدَ الثَّانِيَةِ جَازَ، وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ وَطَالِقٌ فَطَالِقٌ لَمْ يَصِحَّ التَّأْكِيدُ أَصْلاً للتَّغَايُر، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ وَطَالِقٌ بَل طَالِقٌ، وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً فَطَلَقَةً نَصَّ عَلَى وُقُوعِ اثْنَتَيْنِ، وَلَوْ قَالَ: عَلَيَّ دِرْهَمٌ فَدِرْهَمٌ لَمْ يَلْزِمْهُ إِلاَّ دِرهَمٌ وَاحِدٌ؛ لأَنَّ التِّكْرَارَ يَلِيقُ بالأَخْبَارِ دُونَ الإِنْشَاءِ، وَقِيلَ: قَوْلاَنِ بِالنَّقْلِ وَالتَّخْرِيجِ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: أنْتِ طَالِقٌ طَلقَةً بَلْ طَلْقَتَينِ وَقَعَ الثَّلاَثُ، وَلَوْ قَالَ: دِرْهَمٌ بَلْ دِرْهَمَانِ لَمْ يَلْزَمْ إلا دِرْهَمَانِ، وَكُلُّ ذَلِكَ فِي المَدْخُولِ بِهَا، فَأمَّا غَيْرُ المَدْخُولِ بِهَا فَتَبِينُ بِالأُولَى، وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ طَلقَةً مَعَ طَلقَةٍ أَوْ مَعَهَا طَلقَةٌ أَوْ تَحْتَ طَلْقَةٍ أَوْ فَوْقَ طَلقَةٍ وَقَعَتْ ثِنْتَانِ بَعْدَ الدْخُولِ، وَكَذَلِكَ قَبْلَ الدُّخُولِ عَلَى


(١) سكت المصنف عن الترجيح. قال في الخادم: المختار وقوع واحدة، وقد حكى الرافعي في الفروع المنثورة قبيل النظر الثاني في التعليقات الجزم به عن أبي العباس الروياني ورجحه البندنيجي في المعتمد وأفتى به الجرجاني ومال إليه في الذخائر ونقله العبادي في الطبقات عن أبي علي الثقفي.

<<  <  ج: ص:  >  >>