للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الطَّلاق، إِن صَحَّحْنا الدَّوْر لم تقع هاهنا؛ لأن شَرْط وقوع واحدة وقوعُ أُخْرَى قبلها، ولو وقَعَت واحدة قبلها [لم تقع] إن أبطلْنا الدَّوْر أوقعْنا طلقة بقوله: "أنْتِ طالقٌ طلقة" وألغينا قوله "قبلها طلقة" ولم يرتض الإِمام -رحمه الله- هذا البناء، وقال: المعنى المانِعُ من الوقوع هاهنا أنَّه أوقَع طلْقَةً مسبوقة بطلْقَةٍ, ولا يُتَصَوَّر في غيْر المدخول بها وقوع طلقة مسبوقة بطلقة وإذا لم تقع طلقة مسبوقة بطلقة وجب ألاَّ يقع شيْء، إلاَّ إذا كان الواقع غيرها أوقعه، وهذا المعنى لا يختلف بيْن أن نصحِّح الدَّوْر، أو لا نصحِّحه، فليس الوجهان مبنين عَلَى تَصْحِيح الدور وإبطاله، ولكن وجْه المنع ما بيَّنَّا، ووجْه وقوع واحدة أن مقْصُوده توْزِيع الطلْقَتَين على زمانين لا أن تصير طلقةً وصفا لطلقة ولذلك يُحْكَم بوقوع طلقة فيما إذا قال لها: أنتِ طالقٌ طلقةً: قبْل طلقة، أو بعدها طلقة، ولا نقول: لا يقع شيْء؛ لأنَّه وصَف الطلقة المُوقَعَة باستعقاب أخرى، فإذا لم يَقَع أخرى، ولم يحصل الوصْف، وربما فرق بين الطرفين بأنه قال: أوَّل وَلَد تلدينه، فهُوَ حُرٌّ، فولدت ولداً، يُعْتَق، وإن لم تَلِدْ بعده، ولو قال: الثاني من أولادِكِ حُرٌّ، لم يكن بُد من أوَّل، وكيف ما قدر البناء والتوجيه؟! فالأصح عَلَى ما ذكَره الشيخ أبو عليٍّ وغيره أنه تقع طلقة، ووجَّهه بعْضهم بأن قوله: "أنتِ طالقٌ" إيقاع طلقة، فلا يرتفع بقوله: "قبلها طلقة"، وحكى الشيخ أبو عليٍّ. رحمه الله. وجْهاً آخر: أنَّه تقع طلْقَتَان، ويلغو قوله: "قبلها" ويصير كأنه قال: أنتِ طالقٌ طلقتين، ولو قال للمدخول بها: أنتِ طالقٌ طلقةً قبلها طلقة، وبعدها طلقة، طُلِّقَت ثلاثاً. ولو قال: طلقة قبلها وبعدها طلقة فكذلك؛ لأن الطلقة الواحِدَة تَتَوزَّع على ما قبلها وبعدها، فيُكَمِّل النقصان، وفي "شرح الشيخ أبي عليٍّ". -رحمه الله- وجْه آخر: يقع طلقتان:

إحداهما: المنجزة. وأخرى: تقع بعدها ويلغو قوله: "قَبْلها" والظاهر الأوَّل.

ولو خاطَب غيْر المدخول بها بإحدى هاتَيْن اللفظتين، خرج ممَّا سَبَق وجْهان في أَنها تُطلَّق واحدة ولا تُطلَّق شيئاً، ومهما قال أردتُّ بقولي: "بعدها طلقة" أي سأطلقها طلقة من بعد، لم يُقْبَل في الظاهر ويُدَيَّن.

ولو قال: أردتُّ بقولي قبلها طلقة أن زوجاً آخر طلَّقها، أو طلقتها في نكاح آخر، فَعَلَى ما سيأتي فيما إذا قال: أنْت طالقٌ في الشَّهْر الماضي وفسر به.

وقوله في الكتاب "أنت طالقٌ طلقة قبل طلقة، أو قبلها طلقةٌ، وقَعَتْ اثْنِتَانِ بَعْد الدخول، وقَبْلَ الدخول، تَقَع واحدة على وجْه؛ ولا يقع شيْءٌ على وجْه" ظاهرٌ في جريان القولَيْن في قوله: "طلقة قبل طلقة" وقوله: "قبلها طلقة" لكن الوجهَيْن فيما إذا قال: "طلقة قبلها طلقة" أمَّا في قوله "طلقة قبل طلقة" يقع واحدة وجهاً واحداً؛ على ما تبيَّن في الشرح، فليضم في لفظ الكتاب ما نحتاج إِليه، ثم ليعلَّم قوله: "تقع واحدة"

<<  <  ج: ص:  >  >>