للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَظهرهُما: يقعان معاً؛ لأن المعية تقتضي الضم والمقارنة فصار كما لو قال: أنت طالق طلقتين، وعلى هذا فوقت وقوعهما تمام الكلام.

والثاني: يقعان على الترتيب، لترتيب اللفظين ويبنى على الوجْهَيْن فيما إذا قال ذلك لغير المدخول بها، فإنْ قلْنا بالأول، وقَعَ عليها طلقتان أيْضاً، وإن قُلْنا بالثاني، فلا يقع إلاَّ واحدة، كما لو قال أنت طالقٌ طلقةً: فطلقةً، ويُحْكَى، هذا عن المُزَنِيِّ في "المنثور".

ولو قال: أنْتِ طالقٌ طلقةٌ تحت طلقة، أو تحتها طلقة، أو فوق طلقة، أو فوقها طلقة، فالَّذي ذكره الإِمام وصاحب الكتاب أن هذه الصِّلاَت تقْتَضي الجمع كالمعية، والجواب فيها كالجواب في "مع" وفي "التتمة" ما يقتضي الجزم بأنَّه لا يقع في غيْر المدخول بها إلاَّ طلقة؛ لأن وصْف الطَّلاق بالفوقية والتحتية مُحَال، فيلغو اللفظان، ويصير كما لو قال: أنتِ طالقٌ طالقٌ أو أنتِ طالقٌ طلقة طلقة، وفي المدخول بها وجْه آخر أنَّه لا يَقَع إلاَّ طلقة، كما لا يلزم به في الإِقْرار إلاَّ درْهَم، وهذا ما اختاره القاضي ابن كج، والحناطي.

ولو قال: لزوجته المَدْخُول بها: أنتِ طالقٌ طلقةً قبْل طلقة، أو طلقةً بعدها طلقةٌ، فمضمون هذَيْن اللفظيْن إيقاع طلقة، وتعقيبها بأُخْرى، فيَقَعَان كذلك، ولو كانَتْ غير مدخول بها وقَعَت واحدةً، وحَصَلَت البينونة.

ولو قال، وهي مدخولٌ بها: أنْتِ طالقٌ طلقةً بعْد طلقة، أو قبلها طلقةٌ، فمضمون اللفظين إيقاعُ طلقة تسبقها طلقة، فيقَعَ عليها طلقتان متعاقبتان، وهذا هو الصَّحيح المشهور، وفي كتاب القاضي ابن كج -رحمه الله-: أنَّه لا يقَع إلا طَلْقة؛ لجواز أن يكُون المَعْنَى قبلها طلقْة مملوكةٌ أو ثابتة قال: وهذا عند الإِطلاق، ولو قال: أردتُّ ذلك، صدق بيمينه لا محالة، وإذا قلْنا بالصحيح، ففي كيفية تعاقبهما وجهان:

أحدهما: وبه قال ابن أبي هريرة: أنه تقع أولاً الطلقة المنجزة الَّتي بَدَأ بها في اللفظ، ثم تعقبها الطلقة المضمّنة، ويلغو قوله: "قبلها" كما لو قال أنْتِ طالقٌ أمْسِ، يقع في الحال، ويلغو قوله: "أمس".

والثاني: أنَّه تقَع أولاً الطلقة المضمّنة بقوله "طلقة وقبلها طلقة" ويتلوها الطلقة المنجّزة؛ لأن المعنى يَقْتَضِي ذلك، ويُحْكَى هذا عن القاضي أبي الطيِّب -رحمه الله- وهو أرْجَع عنْد "صاحب الشامل"، وغيره، وليس المراد أن المضمّنة تتقدَّم على تمام اللَّفْظ بل يقعان بعد تمام اللفظ لكن تقع المضمنة أولاً، وتقع المنجَّزة في لحظ عقبها، ولو خاطب بإحدى اللفظين التي لم يَدْخُل بها، فإن قلْنا: تَقَع المنجّزة أولاً، ثم تَقَع أخرى، فهاهنا تَقَع واحدة، ولا يعقبها شيء، وإن قلنا: تقع المضمّنة أولاً فتقع واحدة أو لا يقع شيْء؟ فيه وجهان بناهما القاضي الحُسَيْن على الخلاف في مسألة دَوْر

<<  <  ج: ص:  >  >>