للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"أنْتِ طَالِقٌ بل طالق" ليس كذَلك، فلَّما لم تكُنْ على وضْعها وحقيقتها، ضُعِّفت، وصارت كالساقطة المطْرَحة، بخلاف سائر الألْفَاظ المتغايرة، فحَصَل في صورة الكتاب قول أو وجه أنَّه لا يقع إلاَّ طلقتَانِ، وأن الثالثة: تَصْلُح لتأكيد الثانية، وفي قوله بعْد هذه المسائل، "ولو قال قبْل الدُّخُول: أنْتِ طالقٌ، وطالقٌ وقَعَتْ واحدةٌ" معلم بالواو والألف؛ لِمَا حكَيْنا لما رَوَياه أبو عليّ بن أبي هريرة والطبري ومن مذهب أحمد -رحمه الله- إِلاَّ أنَّا صوَّرنا فيما إذا كرَّر اللفظ ثلاثاً وصوَّر في الكتاب فيما إذا كرَّر مرتين.

الصورة الثانية: لوْ قال: أنتِ طالقٌ طلقةً فطلقةً؛ أو قال: أنْتِ طالقٌ فطالقٌ، فظاهر المَذْهَب أنَّه تقع طلقتان، وإن لم يُرد العَطْف وفي قوله علَيَّ درْهمٌ فدرهم الظَّاهر أنَّه لا يلزمه إلاَّ درْهَم واحدٌ، وفرقوا بأن التَّكْرار للتأكيد يَلِيق بالإِخبار، أما الإِنشاء فهُو بَعِيد عنْه؛ لإمكان تنزيله على الاستئناف، والصورتان بتمامهما مذكورتان في "باب الإِقرار"؛ لأنَّه ذكرهما في الكتَابِ هُنَاك، إِلاَّ أن التصوير ثَمَّ فيما إذا قال: أنتِ طالقٌ فطالقٌ، وهاهنا فيما إذا قال: أنتِ طالقٌ طلقةً فطلقةً، فالحكم فيهما واحدٌ، وهناك ذكْر التخريج من الطَّلاَق في الإقرار وسكت عن التخريج من الإِقرار في الطلاق، وهاهنا أشَار إلى الطَّرفَيْن فقال: وقيَل: قولان بالنقل والتخريج فيهما.

ولو قال: أنت طالقٌ طلقةً بل طلقتَيْن، وقَع الثَّلاث.

ولو قال: عليَّ درْهمٌ بل درهمان، لم يَلْزَمْه إلاَّ درهمان، وفرقوا بأن الاستدراك قريبٌ في الإخبار، بَعِيد عن الإِنشاء، وبأنَّ التعدُّد في الطَّلاق أسْرَع منْه في الإِقرار؛ ألا ترى أنَّه لو تَلفظ بكَلِمَة الطلاق، ثم أعادها في مجْلِس آخَر، أو في ذلك المجْلِس بعْد حصُول الفَصْل، يتعدد (١) الطَّلاق، ولو أعاد الإقرار لم يتعدَّد المُقَرُّ به وصورة الإِقرار مذكورة في الكتاب في باب [الإِقرار] أيضاً بيَّنَّا هُنَاك أن الأصْحَاب لم يتصرفوا في الصورتين بالتخريج كَمَا فَعَلُوا في سائر الصُّور.

وقال: الإِمام -رحمه الله-تعالى في قوله: طَلْقَةً بَلْ طَلْقَتَيْنِ نَظَرٌ، فإنه قد يبغي بذلك ضمُّ طلقة إلى طلقة قد أوقعها، فيَكُون الأول مُعَاداً في الثاني، كما في صورة الإِقرار، وهذه الصُّور في المدخول بها، أمَّا غير المدخول بها فتبين بقوله: أنت طالقٌ طلقة، فلا يؤثر قوله بعْد ذلك "فطلقة" وكذا في سائر الصور.

الثالثة: إذا قال لامرأته المدخول بها: أنتِ طالقٌ طلقة مع طلقة، أو طلقة معها طلقة، وقَعَت طلقتان، وكيف التقدير، أيقعان معاً أم على الترتيب؛ فيه وجهان:


(١) في ز: متعدد.

<<  <  ج: ص:  >  >>