واحدة وكفاراتان، ولم يفْصِل صاحب "التهذيب" هذا الفَصْل، ولكن قال: إذا أطلقَ، فقولان؛ بناءً على ما لَوْ حنث بفعْل واحد في أيمان تلزمه كفَّارة أو كفارات، ولو قال: إن دخلْتِ الدار، فأنْتِ طالقٌ طلقةً وإن دخلْتِ الدار فأنْت طالقٌ، طلقتين، قال ابن الحدَّاد والأصحاب: طُلِّقت بالدخول ثلاثاً، سواءٌ كانَتْ مدخولاً بها أَو لم تكن؛ لأن الكُلَّ يقع دفعةً واحدة.
قال صاحب "التهذيب" وكذلك في الصور المتقدِّمة لا فرْق بيْن المدخول بها وغيرها؛ لأنَّ على تقدير التعدد، يقَع الكُلُّ في حال الدخُول، ولو قال: إن دخلْتِ الدار، فأنْتِ طالقٌ ثم طالقٌ، لم يقَع بالدخول في غيْر المدخول بها إلا طلقة؛ لأنَّ ثُمَّ للتراخي.
قال المتولِّي: وكذا لو أخَّر الشرط، فقال: أنتِ طالقٌ ثم طالقٌ إنْ دخلْتِ الدَّارَ، وعنْد أبي حنيفة تقع في الحَال طلْقةٌ ولا يتصل باقي الكَلام به؛ لأنَّ "ثُمَّ" للتراخي.
وقوله في الكتاب "فيحمل على التأكيد أو على التكرار" أراد بالتكرار التجديد، والاستئناف، وقد تَجِدُ في كلام الأصحاب التَّكرار بمعنى التأكيد، وهو تفاوُتٌ يرْجِع إلى الاستعمال والاصْطلاح، واعلم أن هذَيْن القولين في صُورة الإطْلاق مذكوران في كتاب "الإِقرار"، وكان الغَرَض من ذكْر المسألة هناك أن ترتيبه عليها ما إذا قال: عليَّ درْهمٌ ودرهمٌ ودرهمٌ، فأعادها هنا؛ لِحَقِّ الباب، "وإن قصَد بالثالثة تأكيد الأولى، لم يجُزْ" معلم بالواو؛ للوجه المذْكُور مِنْ قَبْل.
وقوله:"وكذلك لو قَال: أنْتِ طالقٌ وطالقٌ بل طالِقٌ" يجوز أن يعلم بالواو أيضاً؛ لأنَّ أصْحابَنا العراقيِّين حَكَوا عن نصِّه في "الإِملاء" أنه لو قال: أنتِ طالقٌ، وطالقٌ لا بل طالقٌ وقال: شكَكْتُ في الطلقة: الثانية، فاستدركت بقولي لا بل طالق، لأحقق إيقاع الثانية قُبل ولم تقع إلاَّ طلقتان، وحكاه الإِمام عن رواية صاحب "التقريب"، ونقل أنَّه قال: جَعَل الأصْحاب المسألة على قولَيْن:
أحدهما: هذا، وهو بعيدٌ
والثاني: وهو القياس، وظاهر نصه في المختصر وقُوعُ الثلاث، كما لو تغايَرَتِ الألفاظ من وجْه آخر، ثمَّ حَكَى عنه طريقَيْن في صورة الكتاب، وهي أن يقول: أنتِ طالقٌ، وطالقٌ بل طالقٌ من غير كلمة لا أحدهما أنه على القولَيْن.
والثاني: القطع بوقوع، الثلاث.
قال الإِمام والمذْهَبُ وقُوعِ الثلاث، والذي يمكن توجيه النَّص المنقول به أن كلمة "بل" موضوعةٌ لاستدراك ما مَضَى، وذلك يقتضي المضادَّة والمخالفة، حتَّى يوجب النفي إن كان صدْرُ الكلام إثباتاً أو الإِثباتَ إنْ كان صدْرُ الكلام نفياً، والأمْر في قوله: