للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رحمه الله- أن وُقُوع الطلاق علَى سبيل التعبير بالبعض عن الكل، ولا يُتَخَيَّل هاهنا السراية المذكورة فيما إذا قال: بعضُكِ طالقٌ، لكن لا يَظْهَر بينهما فرق محقَّق، وفي كلام الشيخِ أبي حامد وغيْره أنَّه يجوز أن يكون ذلك بطريق السراية، ويجوز أن يلغى قوله: نصْف طَلْقة، ويعمل قوله: أنْتِ طالقٌ، ثم فيه صور:

إحداهما: لو زاد في الأجزاء، فقال: أنْتِ طالقٌ ثلاثَة أنْصَاف طلقة، أو أربعة أثلاث طلقة، ففيه وجْهَان:

أحدهما: أنَّه لا يقَعُ إلا طلقةً؛ لأن الأجزاء المذكورة مضَافَةٌ إلى طلقة، والواحد لا يشتمل على تلْك الأجزاء فتلغو الزيادة، وَيصِير كأنَّه أنْتِ طالقٌ نصْفَيْ طلقة، أو ثلاثة أنصاف طلقة، ويلغو الآخر [والأظهر وقوع طلقتين] ويصير كما لو قال: أنْتِ طالقٌ طلقةً ونصْفَ طلقةٍ أو طلقةً وثلث طلقة، وعلى هذَا القياس قولُه: خمْسَة أرباع طلقة أو نصف وثلثي طلقة (١).

وحكى الحناطي وجْهاً ثالثاً: أنه يقع ثلاث طلقات، ويجعل كل نصْف من طلقة، ولو قال: لفلان عَلَيَّ ثلاثة أنصاف درهْمٍ، فعلى الوجْه الأول: لا يلزمه إلا درْهَمٌ، وعلى [الثاني] يلزمه دِرْهَمٌ ونصف.

الثانية: إذا قال: أنْتِ طالقٌ نصفي طلقة لم يَقَع إلا طلقة إلا أن يريد نصفاً من طلقة، ونصفاً من أخرى، وكذا لَوْ قال: ثلثي طَلْقة أو ربعي طلقة، وأشَارَ في الوسيط إلى خِلاَفٍ في هذه الصورة، فقال: الصحيح أنه تقع واحدة، والكتب ساكتة عن حكايته الخلاف، لكنَّه جَارٍ على قياس الوَجْه الَّذي نقَلَه الحناطي (٢)؛ فإنَّه إذا حمل قوله: "ثَلاثَة أَنْصَافِ طَلْقَةٍ" على أنَّ كلَّ نصْف من طلقة، فكذلك قوله: نصفي طلقة، ولو قال أنْتِ طالقٌ نصْفَ طلقتين، ففيه وجْهان:

أحدهما: ويُحْكَى عن أبي إسحاق: أنَّه يقع طلقتان؛ لأنَّه أضاف النِّصْف إلى الطلقتين، فقضيته النصْف من هذه، والنصف من هذه، ألا تَرَى أنَّه لو قال: لفلان نصْفُ هذَيْن العبدين، كان إقراراً بالنِّصْف من كل واحد منْهما، وعلى هذا فلو قال: أردتُّ طلقةً واحدة يدَيَّن، وهل يقبل ظاهراً؟ وفيه وجهان: ووجه المَنْع القياس على ما لو قال المُقِرُّ بنصف العبدين: أردتُّ به هذا العبد، بأنه لا يُقْبَل.

وأصحُّهما: أنه لا تقع إلا طلقة؛ لأنَّ نصْف الطلقتين طلْقَةٌ، وحمل اللفظ عليه


(١) قال النووي: هذا الخلاف فيما إذا زادت الأجزاء على طلقة، ولم يجاوز طلقتين، فإن جاوزت كقوله: خمسة أنصاف طلقة، أو سبعة أثلاث طلقة وأشباهه، وإن الخلاف في أنه يقع طلقة أم ثلاث.
(٢) قال النووي: قد حكى الوجه الذي أشار إليه في "الوسيط" عن "شرح المفتاح".

<<  <  ج: ص:  >  >>