للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدهما: وقوع ثنتين.

والثاني: وقوع واحدة، قال: ويُحْتَمَل أن يقع الثلاثُ، وقد يوجه الأول بأن الاستثناء الأوَّل باطلٌ؛ لاستغراقه، فيَلْغُو ويبقى قوله "ثلاثاً إلا اثنتين إلا واحدة" والثاني أن المعنى إلا ثلاثاً لا يقع إلا اثنتين يقعان إلا واحدةً لا تقع، فتبقى واحدةٌ واقعةً، وأيضاً فإن المستثنى من الثلاث ثانياً اثنتان إلا واحدة، واثنتان إلا واحدة واحدة، فيبقى منْها اثنتان فيهما المستثنيان عن الثلاثة المذكورة، ولا يبقى إلا واحدة، والثالث بأن الاستثناء الأوَّل باطلٌ، لاستغراقه، وكذا ما بعده لترتبه على البَاطِل.

قَالَ الغَزَالِيُّ: (الثَّالِثَةُ): لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ خَمْساً إلا ثَلاَثاً وَقَعَ ثِنْتَانِ، وَقيلَ الزِّيَادَةُ تَلْغُو فَيَبْقَى الاسْتِثْنَاءُ مُسْتَغْرِقاً، وَعَلَى هَذَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ أَرْبَعاً إلا اثْنَتَيْنِ وَقَعَتْ وَاحِدَةٌ، وَعَلَى الأَوْلِ تَقَعُ اثْنَتَانِ، وَلَوْ قَالَ أنْتِ طَالِقٌ ثَلاَثاً إلاَّ نِصْفَ طَلْقَةٍ وَقَعَ الثَّلاَثُ لأَنَّهُ أَبْقَى النِّصْفَ فَيَكْمُلُ، وَقِيلَ: اسْتِثْنَاءُ النِّصْفِ كَاسْتِثنَاءِ الوَاحِدِ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: أدرج في هذه الصورة مسألتين:

إحداهما: إذا زاد المُطْلَق على العدد الشرعيِّ من الطَّلاق، واستثنى، فالاستثناءُ يَنْصَرِف إلى العَدَد المذكور، أو إلى المَمْلُوك من الطلاق فيه وجهان:

أصحُّهما: وبه قال: أبي الحدَّاد، وابن القاص أيضاً: أنَّه ينصرف إلى المذكور؛ لأن الاستثناء لفظيٌّ، فيُتَّبَع فيه موجبُ اللَّفْظ، ولا فَرْق في اللغة بين اثنين وبين خمسة إلا ثلاثة.

[والثاني]: ويحكى عن أبوي علي بن أبي هريرة والطَّبَريِّ -رحمهما الله- أنَّه ينصرف إلى المملوك؛ لأنَّ الزيادة لغو لا سبيل إلى إيقاعها؛ فلا عبْرة بِذِكْرها، فإذا قال: أنْتِ طالقٌ خمْساً إلا ثلاثاً، وقَعَتْ ثنتان على الوجْه الأول، وثلاث على الثاني، ولو قال: خمْساً إلا اثنتين، وقَعَت ثلاثٌ على الوجه الأول، وواحدٌ على الثاني، ولو قال: أنْتِ طالقٌ أربعاً إلا اثنتين، وقَعَت ثنتان على الأوَّل، وواحدةٌ على الثاني، ولو قال: أربعاً إلا واحدة، وقَعَت ثلاثٌ على الأوَّل ثنتان على الثاني ولو قال: أربعاً إلا ثلاثاً، وقَعَتْ على الأول واحدة، وثلاثاً على الثاني، ولو قال: ستاً أو سبعاً أو عدداً فوق ذلك إلا ثلاثاً وَقع الثلاث على الوجهَيْن، أما على الأول فلبقاء الثلاث من المستثنى منْه، وأما على الثاني؛ فلأنَّه كما لو قال: ثلاثاً إلاَّ ثلاثاً.

ولو قال: ستاً إلاَّ أربعاً، فعلى الأول: يقع طلقتان، ويُحْكَى ذلك في هذه الصورة عن نَصِّه في البُوَيْطِيِّ، وعلى الثاني يقع ثلاث؛ لأنَّ المعنى: أربعاً تقع إلا ثلاثاً لا تقع، إلا اثنتين يقعان، فتنضمان إلى الواحدة الباقية من الأربَعِ، وعلى الثاني: هُوَ كما لو قال: ثلاثاً إلا ثلاثاً إلا اثنتين، وقد سَبَق حكمه.

<<  <  ج: ص:  >  >>