للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما إذا كانا في ملكه عنْدَ التعليقين، وعليه أن يتفحَّص عن سبيل البَيَان، وعن صاحب "التقريب" وجْهٌ آخر: أنَّه يتعيَّن للحَجْر العبْدُ المشتري فلا ينصرف فيه إلى أن يتبين ولا يمنع من (١) التصرف في الأول؛ لأنَّه كان يتصرَّف، فلا ينْقَطِع تصرُّفه بما طرأ، ولو باع الأول ثم اشترى الثاني، قال في "البسيط": لم أره مسطُوراً، والقياس أن ينفذ تصرفه فيه؛ لأن بيع الأول كواقعة قد انقضت، وتصرفه في الثاني واقعةٌ أخرى؛ فهو كما لو صلَّى إلى جهتين باجتهادَيْن (٢).

وهذا فيما إِذا لم يَصْدُر منْه غير التعليق السابق، فإن كان قَدْ قال للآخر: حنث في يمينك، فقال: ما حنثتُ أنا في يميني، ثم مَلَك عبْده، فيُحْكَم عليه بعتقه؛ لأنَّه قد أَقَرَّ بديته، ومن أقر بحرية عبْدٍ لغيره، ثُمَّ اشتراه، حكم (٣) عليه بعتقه؛ مؤاخذةً له ولا رجوع له بالثمن، إذا كان قد اشتراه؛ لأنَّه عتق لإقراره، والبائع يُكذِّبه، ولو صدر التعليقان من الشريكين في عبد واحد يأتي حكمه في كتاب "العتقَ"؛ إن شاء الله تعالى، فالصورة مذكورة هُنَاك.

فرع: قال إسماعيل البوشنجي: لو قال: أنْتِ طالقٌ بعَدَدِ كلِّ شعْرة على جسد إبليس، فقياس مذهبنا أنَّه لا يقع شيْء؛ لأنا لا ندري هل على جسده شَعرٌ أمْ لا؟ والأصل العَدَمُ، وعن صاحب بعْض أصحاب أبي حنيفة أنَّه تقع طلقة (٤).


(١) قال النووي: هذان الوجهان نقلهما الإِمام وآخرون؛ ورجحوا الأول، وبه قطع المتولي، لكن قطع الشيخ أبو حامد وصائر العراقيين، أو جماهيرهم، بأن العتق يعين في العبد المشتري، ويحكم بعتقه إذا تم تملكه ظاهراً، ولكن الأول أفقه.
(٢) قال النووي: أما على طريقة العراقيين التي نقلتها، فيعتق عليه الثاني بلا شك، وأما على الطريقة الأخرى، فيحتمل ما قاله في "البسيط"، ويحتمل بقاء الحجر في الثاني حتى يتبين الحال، وهو قرب من الخلاف فيما إذا اشتبه إناءان فانصب أحدهما، هل يجتهد في الثاني، أم يأخذ بطهارته، أم يعرض عنه، والأقيس بقاء الحجر احتياطاً للعتق، ولأن الأموال وغراماتها أشد من القبلة وسائر العبادات، ولهذا لا يعذر الناسي والجاهل في الغرامات، ويعذر في كثير من العبادات، ويؤيد ما ذكرته أن إقدامه على بيع عبده كالمصرح بأنه لم يعتق، وأن الذي عتق هو عبد الآخر، وقد سبق أنَّه لو صرح بذلك، عتق عليه بعد صاحبه إذا ملكه قطعاً، وقد ذكر الغزالي في "الوسيط": احتمالين، أحدهما: ما ذكره في "البسيط". والثاني: خلافه وهو يؤيد ما قلته.
(٣) في أ: فيحكم.
(٤) قال النووي من زيادته: القياس وقوع طلقة وليس هذا تعليقاً على صفة فيقال: شككنا فيها، بل هو تنجيز طلاق وربط العدد بشيء شككنا فيه فنوقع أصل الطلاق، ونلغي العدد فإن الواحد ليس بعدد لأن أقل العدد اثنان، فالمختار وقوع طلقة.
قال في الخادم، وكذلك قال في المطلب: قياس المذهب أنَّه يقع واحدة لأن المضاف إلى الشعر العدد لا أصل الطلاق. =

<<  <  ج: ص:  >  >>