ولو قال: أردتُّ جَعْل الدخول وطلاقها شرطين لعتق أو طلاق قبل، وإن قال: قَصَدتُّ التنجيز، تنجز الطلاق، قال البوشنجي -رحمه الله- إن قال لم أقصد شيئاً قضي بوقوع الطلاق في الحال، وألغى حرف العطف؛ كما لو قال لامرأته ابتداءً: وأنت طالقٌ، ولو قال أنت طالقٌ وإن دخلت الدار طلقت في الحال، دخلت الدار أو لم تدخل، وكذا لو قال وإن دخلت الدار أنت طالقٌ ولم يذكر الواو في "أنت طالق".
ولو علق الطلاق بشرط ثم قال: أردت إيقاع الطلاق في الحال فسبق لساني إلى الشرط؛ فإذا تغليظ منه على نفسه فيؤاخذ بموجبه، وقد ذكرنا من قبل معرض الاستشهاد.
إذا، عرفت ذلك فإن صاحب الكتاب أودع هذا الشطر فصولاً هي قواعد ممهدةٌ وفروعاً هي توابع مبددة فهما قسمان: أولهما: الفُصُول، وهي ستة:
الأول: في التعليق بالأوقات، فإذا قال أنتِ طالقٌ في شَهْر كذا، طُلِّقت عنْد استهلال الهلال، لأنَّ اسم رمضان مثلاً متحقِّق عند مجيْء أول جزء منه، وإذا تحققت الصفة الَّتي هي متعلَّق الطلاق، وقع الطلاق، ولم يعتبر دوامها وانتهاؤها؛ ألا تَرَى أنَّه إذا علَّق الطلاق بدخول الدار، فحَصَل في أوَّلِها، وقَع الطَّلاق، ولم يعتبر بوسْطها والوصول إلى صدْرها، قال الإِمام -رحمه الله- وقد يظن أن الشهر لَمَّا جُعِل ظرفاً للطلاق، فيشترط لوقوع الطلاق سَبْق زمان من ذلك الشَّهر، لكنه وَهِمَ، وليس المعنيُّ بالظَّرْف من الزمان إلا زمان ينطبق عليه الفِعْل، ولم يذكروا هاهنا خلافاً؛ أخذاً مما سَبَق في السَّلَم مع اتجاه التسوية، ولو قال: أنتِ طالقٌ في غُرَّة شهر كذا، أو أوله أو في رأس الشهر، أو ابتدائه أو دخوله أو استقباله أو إذا جاء شهْر كذا، تُطلَّق عنْد أوَّل جزْء من الشهر، ولو رأى الهلال قبْل غروب الشمس، لم يقع الطَّلاق حتَّى تغرب الشَّمس؛ لأن أول الشَّهْر حينئذ يحْصُل، ولو قال: في نهار شهْر كذا أو في أول يَوْم منْه، وقَع عنْد طُلُوع الفَجْر في اليوم الأوَّل لا عنْد الاستهلال.
ولو قال: أنْتِ طالقٌ في يَوْم كذا، وقع عند طلوع فجْر ذلك اليَوْم، وعنْد أبي حنيفة عند انتهاء ذلِكَ اليَوْم بغروب الشمس، كما أن الصَّلاة عنْده تجب بآخر الوقت، وحكى الحناطي قولاً مثْل مذهبه، وطرَده في الشَّهر أيضاً، وعلى هذا قياسُ ما لَوْ قال: في وقْت الظهر أو العَصْر، ولو قال: أردتُّ بقولي في شَهْر كذا، أو يَوْم كذا وسْط الشهر، أو اليوم أو آخرهما، لم يُقْبَل في الظاهر ويدين، هذا هو المَشْهُور، وفي كتاب القاضي ابن كج وغيره وجْه: أنَّه يُقْبَل في الظاهر، ولو قال: أردت بقولي "في غُرَّة شهر كذا" اليَوْمَ الثاني أو الثالث، فكذلك الحُكْم؛ لأن اسْم الغُرَّة، يقع على الثلاث، أما لو قال: أردتُّ به المنتصف لم يُدَيَّن، وكذا لو قال: في رأْس الشَّهر، ثم قال: أردتُّ السادسَ عَشَرَ.