للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنت طالقٌ إذا مضى اليَوْم، بالأَلِف والَّلام"، فإن قاله نهاراً [طلقت عنْد غروب شمسه] وإن لم يبق من الغروب إلا قَدْر يسير؛ لأنه عرف بالألِف واللام، فيَنْصَرِف إلى اليَوْم الَّذي هو فيه، بخلاف ما إذا نَكَر، فإنَّه يقتضي يوماً كاملاً، ولو قال ذلك بالليل كان لَغْواً؛ لأنه لا نَهَار، حتَّى يُحْمَل على المعهود، ولا يمكن العمل على الجِنْس، قال في "التتمة".

ولو قال: أنْتِ طالقٌ اليَوْمَ، طُلِّقَت، وفي الحال، إن قاله نهاراً، وإن قاله ليلاً فكذلك، ويلغو قوله اليوم؛ لأنَّه لم يعلق، وإنما أوقع وسَمَّى الوقت بغير اسْمٍ، ولو قال: أنْتِ طالقٌ الشهر أو السنة، وقَعَ في الحال.

ولو قال: إذا مَضَى شهْرٌ، فأنتِ طالقٌ، فلا يقع حتَّى يمضي شهرٌ كاملٌ، فإن اتَّفَقَ في ابتداء هلال الشَّهْر وقع الطلاق، إذا مضى كاملاً أو ناقصاً، إلا فإن قاله بالليل، اعْتُبِرَ مُضِيُّ ثلاثين يوماً ومن ليلة الحادي والثلاثين تقدر ما سَبَق من تلْك الليلة على النقلين، وإن قاله (١) بالنَّهَار، فيُكَمَّل بعْد التعليق من اليوم الحادي والثلاثين، ولو قال: إذا مضى الشهر طلقت، إذا انقضى الشَّهر الهلالي، وكذلك لو قال: إذا مَضَتِ السنة، كان التعليق ببقية السنة العربية، فيقع الطَّلاَق عنْد استهلال المحرم، وإن كَانَ قريبًا, ولو قال: إذا مَضَت سنة، بالتنكير لم يقَعْ، حتى يمضي اثنا عَشَر شَهْراً، ثم إن لم ينكسر الشهر، الأول، وَقَع الطلاق بمعنى اثني عشر شهراً بالأهلة فرِضَتْ كاملةً أو ناقصةً، وأشار، الإِمام -رحمه الله- إلى أن تصور عدم الانكسار عَسِيرٌ، لكن يظهر قرينته فيما إذا قال: إذا مضَتْ من أول رمضان سَنَةٌ، فأنتِ طالقٌ، وإن انكسر الشهْر الأول عد ما بقي إلى الاستهلال، واحْتسِبَ بعْده أحَدَ عَشَرَ شهْراً بالأهلة، ويُكمل الباقي من شهْر التعليق ثلاثين وعند أبي حنيفة -رحمه الله- إذا انكسر شَهْرٌ، انكسر الكُلُّ، واعتبر الجميع بالعدد، وللأصحاب وجْه مثله، وقد ذَكرنا ذلك في "السَّلَم"، ولو شك فيما كان قد بَقِيَ من شهْر التعليق بَعْد ما انقضى أَحَدَ عَشَرَ شَهْراً لم يقع الطلاق إلا باليقين، وذكر الحناطي وجهَيْن (٢) في حل الوطء حال التردُّد.

ولو قال: أردتّ بالسنة السنة الفارسية أو الرومية دِينَ، ولم يُقْبَل، في الظاهر؛ لأنها تطوَّلت، فهو يريد تأخير الطَّلاق، ونقل الحناطي وجْهاً آخر أنَّهُ يُقْبَل، وهو الذي أورده القاضي ابن كج؛ لعموم العرف به، والمشهور الأوَّل (٣).

ولو قال: أردتُّ بقولي: "السنة" سنةً كامةً دِينَ ولم يُقْبَل في الحكم.

ولو قال: أردتُّ بقولي: "سنة" بقية السنة، فقد غَلَّظَ على نفسه.


(١) في ز: قال.
(٢) قال النووي: أصحهما الحل.
(٣) تقدم الكلام على ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>