قَالَ الرَّافِعِيُّ: فيه صور نوردها كما ينبغي، ولا نحافظ على ترتيب الكِتَاب:
إحداهما: إذا علَّق الطَّلاق بصفة مستحيلةٍ عُرفاً؛ كما إذا قال إن طِرْت أو صَعِدت السماء، فأنتِ طالقٌ، أو عَقْلاً؛ كما إذا قال: إنْ أحييت مَيِّتاً، ففي "النهاية" أن حاصل ما ذكره الأصحاب ثلاثةُ أوجه:
أحدها: أنَّه لا يقع الطلاق؛ لأنَّه لم ينجّزه حتَّى ينجّز، ولكن علَّقه، ولم توجَد الصفة المعلَّق عليها، وقد يكون الغرضُ من التعليق بِغَيْر المُمْكِن أن يمتنع وقوع الطلاق حسب امتناع المعلَّق عليه، كما قال تعالى:{حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ}[الأعراف: ٤٠].
الثاني: أنَّه وَقَعَ في الحال، ويلغو، التعليق بالمحال؛ لأن التعليقَ أيضاً يثْبُت إذا كان المعلَّق عليه مما يرتقب حصولُه، فإذا لم يكُنْ، كذلك بَطَل التعليق، وبَقِيَ التطليقُ من غَيْر تعليق؛ ولهذا نَقُول إذا قال: لغَيْرِ المدخول بها: أنتِ طالقٌ للسَّنة يلْغُو الوصْف، ويقَعُ الطَّلاق.
والثالث: يُفْرَق بين الطيران والصُّعُود، وبين الإِحياء، فلا يقع فيهما ويقع الإِحياء، والفرق أن الاستحالة فيهما عرفيَّة، وهما ممكنان في العَقْل، وفي قدرة الله تعالى الإِقدار عليهما وقد أُسْرِيَ برسول الله -صلى الله عليه وسلم- ورُفِعَ عيسَى -عليه السلام-، وأُعطِيَ جعفرٌ -رضي الله عنه- جناحَيْن يطير بهما، وأمَّا الإِحياء فلا يَقْدِرُ علَيْه إلا الله تعالى، والتعليقُ بما لا إمكان له مستنكرٌ، فيُلْغَى، واتفق الناقلون في التعليق بالمستحيل عرفاً؛ كالطيران والصعود، وحَمْل الجبل الثقيل، ونحوها أن الأظهر عَدَم الوقوع وهو المنصوص، وكذا حال الخلاف عنْد الإِمام وجماعة في التعليق المستحيل عقلاً، كإحياء المَيِّت، والجمع بين السواد والبَيَاض.