للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال صاحب "التتمة" -رحمه الله- "المَذْهَبُ أن يُلْغَى التعليق به، ويقع الطَّلاق في الحال، وأُلْحِق به التعليق بالمستحيل شرعاً، كما لو قال: إنْ نُسِخَ وجوبُ المكتوبات الخمس أو صَوْمِ رمضان، فأنْتِ طالقٌ، ولا يَخْفى أن المراد من إحياء الميِّت الذي أطلقْناه حقيقته فأما إذا علَّق بالإِحياء بالمعنى المراد في قوله تعالى: {وَأُحْيِ الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ} فيُلْحَق ذلك بالطيران، وصعود السماء.

الثانية: إذا قال: أنْتِ طَالِقٌ أمْسِ أو الشهر الماضي أو في الشهر الماضي، فله أحوال:

إحداها: أن يقول: أردتُّ أن يقع في الحال طلاقٌ يستند إلى أمس أو الشهر الماضي، فلا شك أنَّه لا يُسْنَد، وهل يَقَع في الحال؟ فيه وجهان:

أظهرهما: وهو المذكور في "التهذيب": نعم؛ لأنَّه أوقع الطَّلاق في الحال، وقَصَد إثبات حُكْم من قَبْل أيضاً، فيثبت ما يمكن ثبوتُه، ويلغو ما لا يمكن.

والثاني: ونسبه أبو الفرج الزاز إلى أبي إسحاق، أنَّه لا يقع؛ لأنَّه إنَّمَا أوقع طلاقاً مستقلاًّ أمَّا إذا لم يمكن إسناده، وجَب ألاّ يقع.

الثانية: أن يقول: لم أوقع في الحال طلاقاً، ولكن أردتُّ إيقاعه في الزمان الماضي، فالنصُّ أنه يقع في الحال، وحَكَى الربيعُ قولاً: أنَّه لا يَقَع، كما لو قال: إنْ طِرْت أو صعدت السماء، فأنت طالقٌ؛ فإنَّه نصَّ على أنَّه لا يقَعُ، واختلف الأصحاب، فعن ابن خيْران أنَّ الصورتَيْن على قولَيْن بالنقل والتخريج، وجْه الوقُوع أنَّه خاطَبها بالطلاق وربَطه بشيْءٍ ممتنعٍ، فيلغو الرَّبْط، ويقع الطلاق، كما لو قال: أنتِ طالقٌ للبدعة ولا بدعة في طلاقها، ووجْه المنع أنَّه أوْقَع الطَّلاق في الزمان السابق أو بشرط، وهو ممتنِعٌ، فإذا امتنع وقُوع ما أوقَعَه، لا يَقَع ما لم يُوقِعْه، والوجه الذاهب إلى وقوع الطلاق في التعليق بالصعود ونحْوه على ما تقدَّم مأخوذ من هذا التصرُّف، والأكثرون لم يثبتوا ما حَكَاه الرَّبيع قَوْلاً، وقَطَعوا بوقوع الطَّلاق هاهنا، ووجهوه (١) "بأنه أرسل الطلاق وأراد رفعه بالإِضافة إلى ما مضى، فكان كما لو قال؛ أنتِ طالقٌ طلاقاً لا يقع علَيْكِ، وهناك لم يرسل الطَّلاق، وإنَّما علقه ولمْ يُوجَد المعلَّق علَيْه، وأيضاً فإن الطيران والصُّعود ممكنان في نفسهما وإيقاع الطلاق في رمضان مضى وتصرم بحال.

الثالثة: إذا أراد بهذا الكلام إيقاع الطَّلاق لا في الحال ولا فيما مَضَى، وإنما أردت أني طلّقتها في الشَّهْر الماضي في هذا النِّكَاح، وهي في عدَّة الرجعية، أو بائن


(١) في ز: وقوله.

<<  <  ج: ص:  >  >>