للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الآن فَيُصدَّق بيمينه، وتكُونُ عِدَّتُها من الوَقْت الَّذي ذَكَره إن صدقته، ويبقى النظر في أنه كان يخالطُها أو لم يخالطها وإن كذَّبته، فالعِدَّة من وقت الأِقرار، وعن القاضي الحُسَيْن: أنَّها إن صدقت، قُبلَ، وإلا فالقَوْل قولها في أنه إنشاءُ الطَّلاق، وحينئذٍ فيُحْكَم علَيْه بطلاقين. أحدهما: هذا الذي أنشأه.

والثاني: ما أقرَّ به.

ولو قال: أردتُّ أني طلقتُها في الشهر الماضي، وبانت منى، ثم جدَّدتُ النكاحَ أو أن زوجاً آخر طلقها في نكاح سابق، وبانت، فنكحتها، قال الأصحاب: يُنْظر؛ إن عرف نكاح سابق وطلاقه فيه أو أقام (١) على ذلك بيِّنةً، وصدّقته في إرادته، فذاك، وإن كَذَّبَتْه، وقالت لم تُردْ ذلك، وإنما أردتَّ إنشاء طلاق الآن، فيحلف، قالوا: ويخالف هذا ما إذا قال: طلَّقْتُها في هذا النكاح حيْثُ يُصَدَّق، ولا نطالب بالبينة؛ لأنَّه معْتَرِفٌ هناك بطَلاق في هذا النكاح، وهاهنا يريد صرْف الطلاق عن هذا النكاح، وإن لَمْ يُعْرف نكاح سابق، وطلاق في ذلك النكاح، وكان محتملاً، فينبغي أن يُقْبَل التفسير به، وإن لم تقم بيِّنة، وإلاّ يقع الطلاق، وإن كان كاذباً؛ ألا تَرى أنَّه لو ابتدأ، فقال: طَلَّقَكِ في الشهْر الماضي زوجٌ غيْرِي، لا يُحْكَم بوقوع طلاقه، وإن كذب.

الرابعة: لو قال: لم أُرِدْ عند الطلاق شيئاً أو مات، ولم يُفسِّر أو جُنَّ أو خرس، وهو عاجز عن التفهيم بالإِشارة، فالمشهور أنَّه يقع الطَّلاق في الحال، قال الإِمام -رحمه الله- وسببُه أن قوله: "أنْتِ طالق" صريح في تنجيز الطلاق، وقوله "في الشهر الماضي" ملتبس متردِّد بين محامل، فإذا لم يَقْصِد به شيئاً، لُغيَ، وعمل اللفظ المستقل، وحاصله أنَّا نحْكُم بوقوع الطلاق إلا إذا فُسِّر بشيء من التفاسير المذكورة، فيكون الحُكْم عَلَى ما بيّنا، وحكى [الحناطي] (٢) وجْهاً آخر: أنَّا لا نحكم بوقوع الطَّلاق، إذا لم نَقِفْ على تفسير، ولو قال: أنتِ طالقٌ للشَّهْر الماضي، ففي "المُجَرد" للقاضي أبي الطيِّب: أنَّا نحكم بوقوع الطلاق في الحال قولاً واحداً، كما لو قال: أنتِ طالقٌ إن شاء فلانٌ، لكن الكلام في مثْل ذلك يُسْتَعْمل للتاريخ، واللفظ محتمل للمعاني المذكورة، فيما إذا قال في الشهر الماضي، والله أعلم.

الصورة الثالثة: قال: إذا مات فلانٌ أو قَدِمَ فلانٌ، فأنتِ طالقٌ قبْله بشهر أو قال: أنتِ طالقٌ قبل أن أضرِبَك بشهْر نُظِرَ إن مات فلان أَو قَدِم فلان أو ضَرَبَها قبْل مُضيِّ شهر من وقْت التعليق، لم يَقَع الطَّلاق سابقاً؛ لأن وقوع الطَّلاق لا يَسْبِق اللفظ الموقع، وأمَّا في الحال ففي "المهذب" حكايته وجْه: أنَّه على الخلاف المذكور في الصُّورة


(١) في ز إذا أقام.
(٢) سقط في ز.

<<  <  ج: ص:  >  >>