للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سواء فيه ابتداؤها ودوامها, وليس كما لو قال: أنتِ طالقٌ طلقتين، فإن البينونة هناك معلولُ الطلقتين، وليست إحداهما مميّزة عن الأخرى، والمنجز هنا يَنْفَصل عن المعلَّق؛ ولذلك قلنا: لو قال: أنتِ طالقٌ طلقةٌ معها طلقة لم تُطلَّق إلا واحدةً على أحَد الوجهين؛ لأنه حصَل وقوع انفصال، وهذا مجازاة على المذْهَب المشهور، وهو أنَّه لا يقع إلا طلقة واحدة، وفي "المجرَّد" للحناطي -رحمه الله- وجْه غريب أنَّه يقع في غيْر المدخول بها، وفي الخلع طلقتان أيضاً، فيجوز أن يعلم؛ لذلك قولُه "وطلقة [قبل] (١) الدخول" بالواو، وكذا قولُه "وكذلك إذا خالَعَها" ويمكن أن يعلم قولُه: "وليس ذلك، لأن الجزاء يتأخر عن الشرط" لِمَا ذكرنا أن بعضهم علَّل به.

قَالَ الغَزَالِيُّ: وَإِنْ علَّقَ طَلاقَهَا علَى صِفَةٍ وَوُجِدَتْ فَهُوَ تَطْلِيقٌ وَمُجَرَّدُ الصِّفَةِ لَيْسَ إِيقَاعاً وَهُوَ وُقُوعٌ، وَمُجَرَّدُ التَّعْلِيقِ لَيْسَ بِإِيقَاعٍ وَلاَ وُقُوعٍ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: كما أن تنجيز الطلاق تطليقٌ يقع به الطلقة المعلَّقة بالتطليق، إذا كانت المرأة مدخولاً بها، فكذلك تعليق الطلاق مَعَ وجود الصفَة تطليقٌ، حتى لو قال: إن طلقتك، فأنت طالقٌ، ثم قال: بعْد ذلك: إن دخْلتِ الدار، فأنتِ طالقٌ، ودخلَتْ، فتطلَّق طلقة بالدخول، وطلق بوجود المعلق، وهو التعليق بالدخول مع الدخول، وكما أن التعليق بالصفة مع الصِّفة تطليقٌ، فهو مع الصفة إيقاع للطلاق أيضاً حتى لو قال: إن أوقعْتُ عليك الطلاق، فأنتِ طالقٌ، ثم إن قال: إن دخلْتِ الدار، فأنتِ طالقٌ، ودخلَتْ، تقع طلقتان، وفي تعليق الشيخ أبي حامد -رحمه الله- أنه لا يقع إلاَّ طلقة، ولا تقع الطلقة المعلقة بالإِيقاع، وهذا الوجه قد حكاه صاحب "التهذيب"، "والمهذَّب" وادَّعى الذاهب إليه أن لفظ الإِيقاع يقَع على طلاق يباشره، بخلاف لفْظ التطليق، والصحيحُ أنَّه لا فَرْق، ومجرَّد الصفة المعلَّق بها ليْسَت بتطليق ولا بإيقاع للطلاق، لكنه وقوع، فلو كان قد قال: إن دخلْتِ الدار، فأنتِ طالقٌ، ثم قال: إن طلقتُكَ، فأنتِ طالقٌ، أو إذا أوقعْتُ عليك الطلاق، فأنتِ طالقٌ، ثم دخلَتِ الدار، لا يقع الطلاق المعلَّق بالتطليق، أو الإِيقاع، وإنَّما تقع طلقة واحدة بالدخول، ولو كان قد قال: إن دخلْتِ الدار، فأنتِ طالَقٌ، ثم قال: إن وقَع عليْك طلاقي، فأنت طالقٌ، ثم دخلَتِ الدار، تقع طلقتان، إحداهما للدخول، والأخرى لحُصُول الوقوع، كما لو نجَّز الطلاق أو تأَخَّر التعليق بدخول الدار عن التعليق بوُقوع الطَّلاق، ويكون بتطليق الوكيل كتطليقه؛ لأن الواقع طلاقُه، وإن باشره الوكيل هذا هو الصحيح، وفي "المهذب" ذكْر وجه آخر: أنَّه لا يقع بطلاق الوكيل الطَّلْقة المعلَّقة بالصفة، كما لو كان التعليق


(١) سقط في ز.

<<  <  ج: ص:  >  >>