للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الانفساخ، كما سبق، واعلم أن هذه الطرق الثلاثة فيما إذا كان التعليق بنفي التطليق أما إذا علَّق بنفي الضَّرْب وسائر الأفعال، فالجنون لا يوجب اليأس، وإن اتصل به الموت.

قال في "الوسيط"؛ لأن ضَرْب المجنون في تحقيق الصفة ونفيها كضرب العاقل على الصحيح، ولو أبانها، ودامت البينونة إلى المَوْت، ولم يتفق الضربُ، فلا يقع الطلاق، ولا يُحْكَم بالوقوع قبل البينونة بخلاف ما في قوله: "إن لم أطلقك"؛ لأن الضرب بعد البينونة ممْكِنٌ، والطلاق بعد البينونة، غيْر ممكن [و] (١) إذا كان التعليق بنفي الضرب ونحوه من الأفعال، فعُروض الطلاق كعروض الفسخ والانفساخ، لكن ينبغي أن ينفي من الطلاق عدَدٌ يمكن فرْضُه مستنداً إلى ما قبل الطلاق، فأما في التعليق بنفي التطليق، فإنما تفرض البينونة بالانفساخ؛ لأنَّه لو طلقها بطَلَت الصفة المعلَّق عليها، ويمكن أن تفرض في طلاق الوكيل، فإنَّ ذلك لا يفوت الصفة.

وقوله في الكتاب "قبل تجديد نكاح وطلاق" أي في النكاح المجدَّد.

وقوله: "فإن لم يكن الطلاق رجعيًّا فيؤدي تقدمه على الانفساخ إلى الدور" أي فلا يقع.

قَالَ الغَزَالِيُّ: وَإِنْ قَالَ: إِنْ لَمْ أُطَلِّقُكِ أَوْ إِنْ طَلَّقْتُكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَهَذَا للِتَّعْلِيلِ فَيَقَعُ فِي الحَالِ إِلاَّ إِذَا لَمْ يَعْرِفِ اللُّغَةَ فَهُوَ تَعْلِيقٌ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: الذي هو حرف شرط "إن" بِكَسْر الهمزة، فإن فتحها فهو للتعليل لا للتعليق، وقول القائل "إنْ كَانَ كَذَا" أي لأَنْ كَانَ وحذف اللام، وقال تعالى جَدُّه: {أَنْ كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ} [القلم: ١٤] فإن قال: أنتِ طالقٌ، أن لم أطلقْكِ، وقع في الحال؛ لأنَّه أوقعه وعلَّله بأنه لم يطلِّقْها، وإذا أوقع الطلاقَ، وقع، ولا يُنْظَر إلى ما علَّل به، ثمَّ الذي أورده صاحب الكتاب والإِمام وصاحب "التهذيب" وحكي عن الشيخ أبي حامد أن هذا في حقِّ من يعرف اللغة، ويَفْصل بيْن "أن" "وإنَّ"، فأمَّا إذا لم يميِّز بينهما، فالظاهر أنَّه يقْصِد التعليق، فتكون للتعليق، وقال القاضي أبو الطيِّب؛ يُحْكَم بوقوع الطلاق في الحَال، إلا أن يكونَ الرَّجُل ممَّن لا يعرف اللغَة، ولا يميز فقال: قصدتُّ التعليق، فيصدَّق، وهذا أشبه، إلى ترجيحه ذهب ابن الصبَّاغ وهو المذكور في "التتمة" (٢)، وعلى هذا القياس طرف الاِثبات، فإذا قال: أنتِ طالقٌ، أن دخلْتِ الدار،


(١) سقط في ز.
(٢) قال النووي: الأول أصح، وبه قطع الأكثرون والله أعلم وقد استشكل هذا الترجيح بما قدمه في الكلام على المشيئة فإنه قال: إذا قال: أنتِ طالقٌ أن شاء الله بالفتح، يقع الطلاق، سواء كان يعرف العربية أم لا. قال في الخادم: وقد يفرق بينهما بأن ذاك لا يغلب التعليق فيه، فعند فتح الهمزة ينصرف للتعليل مطلقاً، وهنا يغلب التعليق، فعند الفتح يفرق بين النحوي وغيره.

<<  <  ج: ص:  >  >>