للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقلنا: إنَّه يموت عاصياً، ففي الأصحاب من يبسط المعصية على أول وقْت الاستطاعة، ومنهم من يخصها بالسنة الأخيرة.

قال صاحب الكتاب في "البسيط" إنما لم يصيروا إلَيْه؛ لأن قوله: "إن لم أفعل كذا، فأنت طالقٌ، يحتمل أن يراد به إيقاع [الطلاق في الحال إن لم يتحقق الفعل في العمر، وقد يراد به الإِيقاع إذا حصل إخلاء العُمر عنه، والأصل أن لا طلاق، فأخذ باليقين.

الطريق الثاني: إذا جُنَّ الزوج، لم يوجب ذلك بأساً؛ لأنَّ الإفاقة والتطليق بعده يمكن، فإذا اتصل بالموت تبينا حصول اليأس من وقت الجنون، فتَطلَّق قبيل الجنون، قال في "البسيط" وفي الإسناد إلى ما قَبل الجنون إشكالٌ، [و] (١) كان يجوز أن يقال: يقع قبيل الموت أيضاً، ولا يستند الطلاق إذا لم تحْصُل الإِفاقة المتوقعة إلى ما قَبْل زمان التوقف، كما لم يستند إذا لم يَحْصُل التطليق المتوقع إلى أوَّل زمان التوقف.

الثالثة: إذا فسخ النكاح بسبب، أو انفسخ بردة وغيرها، فلا يَحْصُل اليأس؛ لأنَّ من الجائز أن يجدد نكاحها، وينشئ فيه طلاقاً، وحينئذٍ فلا يكون لمعلق به، وهو فوات التطليق حاصلاً، ولا يختص ما به البِرُّ والحنث بحال النكاح؛ ولذلك نقول: تنحلُّ اليمين بوجود الصفة في حال البينونة، فإذا ماتا أو أحدهما, ولم يوجد تجديدٌ وتطليق، فقد تحقق الفوات، ولا يمكن القوْلُ بوقوع الطلاق هاهنا قبيل الموت فيتعين الإِسناد إلى ما قبل الانفساخ (٢) كما أسندنا إلى ما قبل الجُنُون كذلك، ذكره الإِمام على تلوم وتردُّد فيه، وتابعه المصنِّف وغيره على ما ذكَره.

قالوا: وإنما يتأتى، فرْض ذلك في الطَّلاق الرجعيِّ؛ ليمكن اجتماعه مع حصول الانفساخ، فأما إذا كان الطلاق بائناً؛ لكونه قبْل الدخول أو الطلاق الثالث، فلا يمكن إيقاعه قبل الانفساخ لما فيه من الدَّورْ؛ فإنه لو وقع لَمَا حَصَل الانفساخ، ولو لم يَحْصُل الانفساخ، لم يَحْصُل الْيَأْس، وإذا لم يحصل اليأس، لم يقع الطلاق، فيلزم من وقوعه عَدَم وقوعه، وهذا من قبيل الدَّوْر الحكمي، ولو جدَّد نكاحها بعْد الانفساخ، فإن طلقها في النكاح الثاني، لم يَفْتِ التطليق، بل وقع الطلاق، وإن لم يطلقْها حتَّى مات أحدهما في النكاح المجدَّد، فيبنى على قولي عود الحنث، إن قلْنا بعود الحنث، طُلِّقَت في النكاح الثاني قبيل الموت، وبنينا على النكاح، وإن قُلْنا لا يعود الحنث، فلا يمكن إيقاع الطلاق قُبَيْل الموت، كما لو كان الموت في حالة البينونة، فيُسْتند إلى ما قبل


(١) سقط في ز.
(٢) قال في الخادم: ما ذكره من أن البر والحنث لا يختص بحال النكاح صحيح في البر عند الجمهور خلافاً للإصطخري، وأما الحنث فوهم فإنه يختص بحالة النكاح قطعاً، ولهذا سقطت هذه اللفظة من أكثر نسخ الشرح.

<<  <  ج: ص:  >  >>