أوقات تسع ثلاث طلقات بلا تطليق، وقعَتْ عليها ثلاثُ طلقات، وهذه الصورُ في المدخول بها، أما غير المدخول بها، فإذا قال لها: كلَّما لم أطلقْكِ، فأنت طالقٌ، ومضَت لحظة، لم يُطلِّقها فيها فَتْطلَّق وتَبِين، ولاَ تُطلَّق الثانية والثالثة، فلو جدَّد نكاحها، وقضينا بعود اليمين، فإذا مضت لحظة، طُلِّقت طلقة أخرى، ولو قال للمدخول بها عقيب هذا التعليق بـ"كلما" طلقتُكِ على ألْفٍ، فقبلت بانت منْه، ولم تُطلَّق الثانية والثالثة، فإن جدَّد نكاحها، عاد قولا عوْد اليمين، ذَكَره في "التهذيب".
قَالَ الرَّافِعِيُّ: عرفْتَ الخلاف في أنه إذا علَّق الطَّلاق بنفي فعْل إما بـ"إِنْ" بـ"إذا" يقع الطلاق بأول زمان يمضي خالياً عن ذلك الفعل، وإنما يقع بفواته واليأس عنْه والغرض التفريع على ذلك الخلاف، فإذا قال: إذا لم أطلقْكِ أو إن لم أطلقْكِ فأنتِ طالقٌ، قلنا: يقع الطلاق إذا مضى زمانٌ, يتسع للتطليق من غَيْر تطليق، فلو أنَّه أكره على الامتناع من التطليق، أو أمسك رجُلٌ على فيه، قال الحناطي -رحمه الله-: يخرج على الخلاف في حنث الناسي والمكره، وإن قلْنا بالصحيح، وفرَّقنا بين "إن""وإذا"، فلو قال المعلق: أردتُّ بـ"إذا ما يراد بـ"إِنْ"، فيدين، وفي القبول ظاهراً وجهان عن صاحب التقريب" -رحمه الله-، والأشْبَه القَبُول، فقد يقام كل واحد منهما مقام الآخر، وحيث قلْنا: لا يقع الطلاق حتَّى يتحقَّق الفوات واليأس عن التطليق، فلذلك طرق إذا وقَفْتَ عليها عرفْتَ أن قوله في الكتاب "فإنما تبين عدم الطلاق لموت أحدهما" ليْس للحَصْر؛ لأن الموت أظهر الأسباب، وهو واقع لا محالة، فبادر إلى ذكْره؛ لأنه أغلب الطريق الأول، إذا مات أحد الزوجين وَلم يطلِّقها تبين فوات التطليق، فيُحْكَم بوقوع الطلاق قبيل الموت.
قال الإِمام: ولم يَصِرْ أحدٌ من الأصحاب إلى أنه إذا تبيَّن اليأس، يسند الطلاق إلى وقْت اللفظ، وهو محتمل كما إذا (١) مضت عليه سنون، وهو مستطيع للحج،