قال الأذرعي: هو قضية كلام القاضي الحسين فإنه حكى عن النص أن الطلاق بعد مضي المدة يوجب الاستئناف. قال القاضي: والردة في معناه أن كل واحد منهما يخل بالملك لا يبين الفرق بينهما في مثل هذا المحل فافهم أنه قال تفقهًا ونقل الإِمام اتفاق الأصحاب أن الردة إذا طرأت في المدة ثم زالت وجب الاستئناف ثم قال: فيما إذا ارتد أحدهما بعد المدة ثم أسلم أنه لا بد من الاستئناف كالطلاق الرجعي، قال: وهذا من المسائل التي تحفظ وهو قول انحل إيلاؤه وضربنا له المدة ولم يطلق ولم يف ثم يستأنف له المدة ثانية. والقول باستئناف المدة بردتها إذا أسلمت بعيد؛ لأنه لم يصدر منه شيء يخرج به عن حكم الإيلاه بخلاف ردته، فإنه صدر منه ما يوجب الشروع في العدة فأشبه الطلاق واستشكل الغزالي إلحاق الردة بالطلاق؛ لأن الطلاق بعد المدة فيه إجابة لما طلب منه بخلاف الردة؛ لأنه لا يقصد بها الإبانة إذا علت هذا، فقد قال بعض الشارحين إن الظاهر أن ما ذكره الإِمام والغزالي ومن تبعهما أصله كلام القاضي وتتبعت المسألة من كلام الأصحاب فلم أر من صرح بذلك غير من سميناه ولا ذكر لها في كتب العراقيين. نعم ذكروا كلهم حكم الردة في المدة وأنه نص عليها في المختصر والقاضي الحسين أخذ ذلك من تسوية الشَّافعي بينها وبين الطلاق في المدة وقد صرح الماوردي أنه لا يجب الاستئناف إذا ارتد بعد المدة ثم أسلم بخلاف ما لو طلقها وفرق بأنه وفاها حقها بالطلاق ولم يوفها حقها بالردة وهذا المعنى هو ما رمز إليه الغزالي، ولا يبعد أن يكون ما ذكره الماوردي هو المذهب فإنه لم يذكر سواه وليس في كلام الجمهور ما يخالفه وفي كلام الإِمام ما يفهم أن ارتدادها بعد المدة لا يوجب الاستئناف، قال ولو أنها لو طلبت الوقوف فوقف لها فأحرمت مكانها بإذنه أو بغير إذنه فلم يأمرها بالإحلال، لم يكن عليه طلاق حتى يرجع إلى الإِسلام في العدة. قال: وإذا كان منع الجماع من قبلها بعد مضي الأربعة أشهر قبل الوقف أو معه لم يكن لها على الزوج سبيل حتى يذهب منع الجماع من قبلها في الأربعة الأشهر بشيء تحدثه غير الحيض الذي خلقه الله تعالى فيها ثم أبيح من قبلها أجل عن يوم أبيح له أو يظهر شيء كما جعل الله له أربعة أشهر متتابعة، فإذا لم تكمل له حتى مضى حكم ما استأنفت له متابعة كما جعلت له أولاً. انتهى ما نقله الأذرعي عن بعض الشارحين ولعل المراد به الشيخ الإِمام السبكي، وقال الشيخ البلقيني ما جزم به أنه يستأنف المدة لا يصح، والمعنى رد عليه ومفهوم نص الإِمام الشَّافعي -رضي الله عنه- في الأم والمختصر مخالفة ولفظه لو ارتد أحدهما في الأربعة أشهر ثم رجع المرتد منهما في العدة استأنفت أربعة أشهر، وفي الأم فيما إذا ارتدت حالة الوقف ما يشهد له، وأما المعنى فإن المدة قد انقضت على السلامة والإِسلام وما صدر بعدها غير قاطع النكاح، ولا محصل لفيئه ولا طلاق بمجرده فإذا عاد المرتد إلى الإِسلام طولب حينئذ المولي بالفيئة أو الطلاق قولاً واحداً، ولا يقاس ما كان محرماً على ما كان مطلوبا قاطعاً للضرر، ولقد أصاب القاضي =