للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"التَّهْذيب" العدَّة عن وطء الشبهة بالطلاب الرجعيِّ والردة في منْع الاحتساب، ولزوم الاستئناف عنْد انقضائها من حيْث إنَّها تنقض ملْك الاستمتاع وتنافي النِّكاح في الجُمْلة، والذي ذكره من حُكْم الشبهة صحيحٌ، ولكنَّ إلحاقَها بالطلاق الرجعيِّ والردة ليس بواضح، وفي عدة الشُّبهة ما يُغني عن ذلك؛ فإنها معْنًى مانعٌ في المرأة، فالمانع إذا كان يَمْنَع احتساب المدة على ما سيأتي على الأثر.

الثانية: ما يمنع الوطء من غير أن يُخِلَّ [ملك] (١) النكاح، إن وُجِد في الزوج، لم يَمْنَع احتساب المدة، بل تضرب المدة مع اقتران المانع بالإيلاء، ولو (٢) طرأ في المدَّة، لم يقطعْها، بل يُطَالَب بالفيئة بعد أربعة أشهر، إذا كان العذر إيلاءً يومئذ؛ وذلك لأن التمكين حاصلٌ من جهتها، والمانع فيه، وهو القصد بالإيذاء، وقصد المضارة، ويستوي في ذلك الموانع الشرعية؛ كالصوم والإحرام والاعتكاف، والحسية؛ كالمرض والحَبْس والجنون، وإن كان المانع فيها كما إذا كانت صغيرةً لا تحتمل الوطء، وكالنشوز والمرض المضني المانع من الوطء، فإن قَارَنَ ابتداء الإيلاء، لم يبدأ بالاحتساب إلى أن يَزُول، وإن طرأ في المدة، قطعها؛ لأنه إذا وجد منها ما يمنع الوطء، لم يتحقَّق المضارَّة فيه، هذا هو المذْهَب الظاهر في الجانبين، ونقل المزنيُّ -رحمه الله- في حَبْس الزوج قولاً آخر أنه يمنع احتساب المُدَّة واعترض عليه، وقال قد نصَّ الشَّافعيّ -رضي الله عنه- عَلَى أن المرض لا يَمْنَع، فكذلك الحبس وغلَّطه عامة الأصحاب في نَقْل هذا القول، وقالوا إنَّما ذكر الشَّافعيُّ -رضي الله عنه- منْع الاحتساب في حبسها لا في حبسه، وحكى القاضي ابن كج أن بعْضَهم سلَّم صحة النقل، وأن هؤلاء المسلمين اختلفوا في تنزيله، فمنهم منْ نزَّله على ما إذا كانت هي الَّتي حبَسَتْه، وقال: إنَّه يمنع الاحتساب؛ لأنها تَقْدِر على تخليته، فكان المانع فيها، ومنهم مَنْ نزَّله على ما إذا كان محْبُوسًا ظُلماً، وقال: مثْل هذا الحَبْس يمنع الاحتساب، وحق هذا القائل أن يطرد ما ذكره في المرض، وما لا يتعلَّق باختياره من الموانع، وهذا شيْء قَدْ


= الماوردي فجزم في الحاوي بأنها لا تستأنف المدة والحالة هذه، وفرق بين حدوث الردة في زمن الوقف الثاني وبين الطلاق الرجعي بأنه وفاها حقها في الطلاق الرجعي بخلاف الردة وهذا صحيح، وما أوقع الرافعي في ذلك إلا كلام الغزالي فإنه قال في الوسيط والوجيز ما يدل على ذلك.
أما الوسيط فإنه قال: والطلاق الرجعي بعد المدة يقطع المدة، فإن جرت رجعة فاستئناف المدة أولى؛ لأن الطلاق إجابة إلى المطالبة، فقد أجاب مرة فلا يطالب حتى يمتنع أربعة أشهر أخر، وألحقوا الردة أيضا بالطلاق وهو أبعد؛ لأنه ليس إجابة لمطالبته وهذا من الغزالي يدل على أن الأصحاب ألحقوا وليس الأمر كذلك ولعله شاذ من الأصحاب أصله من وطء المرتد، فإنه يجب المهر، وإن عاد إلى الإِسلام نظر إلى أن ذلك المتحلل كان في غير النكاح.
(١) سقط في ز.
(٢) في أ: فلو.

<<  <  ج: ص:  >  >>