للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدهما: (١) أنَّه لا تحصُل الفيئة، وتبقى الطلبة؛ لأن اليمين قائمة.

والثاني: يحصل، ويرتفع الإيلاء؛ لوصولها إلى حقِّها واندفاع الضرر، والأصحُّ عند صاحب الكتاب -رحمه الله- الأول، وهو يوافق جوابه في صورة نزولها عليها، وبالثاني أجاب صاحب "التهذيب" وغيره، وهُو يوَافق جوابَهُم هناك.

وصورة المسألة مبنيَّة على أنَّه لا يتصور الإكراه على الوطء، [وهو الظاهر، وفيه وجْهٌ: أنه لا يتحقق الإكراه على الوطء]؛ لأن المكره فزع مسلوب الاختيار، ومَنْ كان كذلك، لم تنشط شهْوته، ولم تنتشر آلته.

وقوله في الكتاب "فلا يحصل بنزولها عليه" مُعْلم بالواو، والظاهر عند الأكثرين الحُصُول.

وقوله "أو قلنا يَنْحَلُّ به اليمين" يجوز إعلامه بالواو؛ لقطع القاضي والشيخ -رحمهما الله-.

الثالثة: إذا آلَى، ثم جُنَّ، فوطئها في الجنون؛ إما في المدة أو بعدها، ففيه طريقان:

الذي أروده العراقيُّون: القَطْع بأنه لا يحْنَث، ولا ينحل اليمين، ولا يلزمه الكفارة؛ لأنه ليْس للمجنون قصْد صحيحٌ، ولأن الحنث ولزوم الكفارة حقُّ الله تعالى والمجنون غير مؤاخذ بحُقُوق الله تعالى، فإنه مرفوع القَلَم.

والثاني، وهو الذي أورده صاحبُ "التهذيب" و"التتمة" أن في وجوب الكفارة قولَيْن (٢) كما في الناسي؛ لأن المجنون مُلْحَق بالمخطئ في كفَّارة القتل، فكذلك في كفارة اليمين، فعلى هذا، إن أوجبنا الكفارة، فتنحل اليمين، وإلا فعَلَى وجهَيْن، كما ذكَرْنا في المكره، وحكى أبو الفرج السرخسي الترتيب من وجْه آخر، فقال: في حُصُول الحنث بوطء المجنون قولان؛ وَجْه الحصول أنَّه أتى بالمحلوف عليْه، ووجْه المَنْع أنَّ يمينه لا تنعقد في هذه الحالة، فكذلك لا يحْصُل الحنث إلحاقًا لأحد الطرفين بالآخر، فإن حَنث، ففي الكفارة قولان؛ في قولٍ: تلزم كما حنث، وفي قولٍ لا؛ لعَدَم التكليف، هكذا رتَّب ووجَّه، وكيفما قدر، فالظاهر أنَّه لا يحْنَث، ولا تنحل اليمين ولا كفارة.

قوله في الكتاب "فالنص أنَّه ينْحَل يمينه ولا كفارة" هكذا نقل صاحب الكتاب والإمام عن النص، ووجَّه بعضُهم الانحلال بأنَّ الوطء فعْل، وفعل المجنون معتبر بخلاف قوله: ولذلك ينفذ استيلاده، وحكاية نفي الكفارة عن النص ظاهرٌ، وأما حكايته


(١) سقط في ز.
(٢) في ب: قولان.

<<  <  ج: ص:  >  >>