للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى خِلاَفِ قِيَاسِ الخُصُومَاتِ* فَلَوْ طَلَّقَهَا وَأَرَادَ الرَّجْعَةَ بِدَعْوَى الوَطْءِ الَّذِي حَلَفَ عَلَيْهِ لَمْ يُمَكَّنْ وَكَانَ القَوْلُ قَوْلَهَا في نَفْيِ العِدَّةِ وَالوَطْءِ عَلَى قِيَاسِ الخُصُومَاتِ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: المسألة مذكورة في فصْل العُنَّة معادةٌ هاهنا؛ لحق الباب مع زيادة مضمومة إليها، وقد بيَّنا أنَّ هناك، إذا اختلف الزَّوْجَان في الإصابة، فالقول قول النافي إلا في مواضع:

أحدها: إذا قال الزَّوْج بعْد مدة العُنَّة: أصَبْتُها في المدة أو بعدها.

والثاني: إذا ادَّعَى مثل ذلك بعد مدة الإيلاء، فالقَوْل قَوْل الزوج؛ لما ذَكَرْنا هناك.

وقوله "على خلاف قياس الخصومات" معناه أن الأصْل عدَمُ الإصابة، وقياس الخصومات تَصْدِيق النافي.

وإذا صدَّقْناه بيمنه، وطلَّقها بعْد ذلك، وقال: هذا طلاقٌ بعْد المسيس، فإنَّكم صدِّقْتُموني أنِّي وطئتها، وأراد الرجعة، وهي على إنكارها الوطء وإنكار العدة والرجعة.

قال ابن الحدَّاد، وساعده جمهور الأصحاب: لا يُمَكَّن من الرجعة، والقول قولُها على قياس الخصومات، كما لو اختلفا في الرجْعة ابتداءً، وليست يمينُ الزوج مثبتةً للإصابة على الإطلاق، وإنما استعملناها (١) في استيفاء النكاح حين كانت المرأة تبْغي التفريق، فأما إذا وقَع الطلاق، فهو مدعي الرجْعة، فيطالَبُ بالبينة وشبه بعض الأصحاب ذلك بما إذا ادَّعَى المُودَع تَلَف الوديعة عنده، وأنكر المُودِعُ التَّلَف، فصدقنا المودع بيمينه، ثم جاء آخر، وأثبت الاستحقاق لنفسه، وغرم المُودَع، فأراد هو الرجُوع إلى المودع، فقال: قد صدقتموني في التلف عندي، وهو الذي أوقعني في هذا الغرم؛ فإنا لا نُمَكنُه من الرجوع، بل إذا حَلَف المودع على أن الوديعة لم تتْلَف عنده، وهو خائنٌ يستقر الضمان على المُودع، ولا يلزم [من] (٢) تصديقه؛ لدفْع الضمان عن نَفْسِه تصديقُه لإثبات الغُرم على غيره، وكذا لو وَجدْنا دارًا في يد اثنين، وادَّعَى أحدهما أن جميعها لهُ، والآخر أنها بينهما [نصفان،] (٣) وصدَّقنا الثاني بيمينه؛ لأن اليد تشْهَد له ثم باع مدعي الكل نصيبه من ثالث، فإن أراد الآخر أخْذَه بالشفعة، وأنكر المشتري ملْكَه، فإنه يحتاج إلى البيِّنة، ويمينه في الخصومة مع الشريك أفادت دفْع ما يدَّعِيه الشَّريك لا إثبات الملك له.

وحكى الشيخ أبو عليٍّ وجْهًا: أنه يمكن من الرجعة، ويُصدَّق في الإصابة


(١) في ز: استغلناها.
(٢) سقط في ز.
(٣) سقط في ز.

<<  <  ج: ص:  >  >>