للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كطلاقه، وقد سَبَق الكلام فيه في "الطلاق"، وبيَّنَّا أن السكرانَ منْ هو، وذكر الشيخ أبو حامد وابن الصَّبَّاغ أن السَّكْران الذي لا يَعْقِل من أموره، وله تنفيذ ما ينفذ طلاقه، وظهاره في الظاهر والباطن، وإن كان سَاقِطَ التمييز بالكليَّة، فوجهان عن ابن سُرَيْج، وأبي إسحاق: أن الجواب كذلك، وعنْ غيرهما: أنَّه لا ينفُذ في الباطن إلاَّ أنَّه لا يُقْبَلُ في الظاهر قوله لم يكن منه تمييز وكل من يلحقها الطَّلاق من الزَّوْجَات يصحُّ الظهار منها، وتستوي فيه الصغيرة، والمجنونة، والأمة، والذمية، والرتقاء، والحائض، والنفساء، والمعتدة عن الشبهة، وغيرهن، وليست حُرْمَة مَنْ هي حرامٌ منهن كحرمة الأمة، ويصحُّ ظهَارُ الرَّجعية، ولا يصح الظِّهَار عن الأجنبية، سواء أطْلَقَه أو عَلَّقه بالنكاح، فقال: إذا نكحتك، فأنت عليَّ كظَهْر أُمِّي، وأبو حنيفة ومالك يخالفان فيما إذا علَّق بالنكاح، كما في الطلاق، ويجيء فيه القَوْل المحكيُّ هناك، ولا يصحُّ الظهار عن الأَمة وأمِّ الوَلَد، وقال مالك: يصحُّ الظهار عن كلِّ أمة؛ واحتج الأصحابُ بأنَّه لفظ يتعلَّق به تحريم الزوجةُ فلا تحرم به الأمة، كالطلاق.

وقوله في الكتاب "وتكون الرَّجْعَةُ عَوْدًا" هذا غيْرُ محتاجٍ إلى ذكْره في هذا الموضع، فهو يفَصْل العَوْد ألْيَقُ، ونذكره هناك مع ما يناسبه، ويجوز أن يُعْلَم بالواو؛ لما سيأتي.

والقول في أن ظهار الرجعية صحيحٌ قد سَبَق مرَّةً في "باب الرَّجعة" وقوله "ويصحُّ ظهار المجْبُوب (١) بخلافِ الإِيلاَءِ" فهو على الخلاف السابق.

قَالَ الغَزَلِيُّ: (الرُّكْنُ الثَّانِي: اللَّفْظُ) وَهُوَ قَوْلُهُ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي أَوْ كَأمِّي أَوْ مَعِي أَوْ عِنْدِي أَوْ مِنِّي كَظَهْرِ أُمِّي وَالكُلُّ صَرِيحٌ* وَكَذَلِكَ لَوْ تَرَكَ الصِّلَةَ* وَقَالَ: أَنْتِ كَظَهْرِ أُمِّي فَهُوَ كَمَا لَوْ قَال: أَنْتِ طَالِقٌ وَلَمْ يَقُلْ: مِنِّي* أمَّا لَوْ قَالَ: كَشَعْرِ أُمِّي أَوْ يَدِهَا أَوْ رِجْلِهَا فَهُوَ ظِهَارٌ عَلَى الجَدِيدِ* وَلَوْ قَالَ: كَعَيْنِ أُمِّي وَرُوحِهَا أَوْ كَأُمِّي وَأَرَادَ الكَرَامَةَ فَلَيْسَ بِظِهَارٍ* وَإِنْ قَصَدَ الظِّهَارِ فَظَهَارٌ* وَإِنْ أَطْلَقَ فَوَجْهَانِ* وَالرَّأْسُ كَالعَيْنِ أَوْ كَاليَدِ فِيهِ وَجْهَانِ لأَنَّهُ قَدْ يُذْكَرُ لِلْكَرَامَةِ أَيْضًا* وَلَوْ قَالَ يَدُكِ أَوْ نِصْفُكِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فَهُوَ ظِهَارٌ عَلَى الجَدِيدِ* وَكَذَا الإِيلاَءُ إِذَا أَضَافَهُ إِلَى بَعْضِهَا انْعَقَدَ* وَكُلُّ مَا يَقْبَلُ التَّعْلِيقَ يُكَمِّلُ بَعْضَهُ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: صريح لفْظ الظِّهار: أنتِ عليَّ كظَهْر أُمِّي، وفي معناه سائر الصلات كقوله: أنتِ مَعِي أو عنْدِي أو مني أوْ لِي كَظَهْر أُمِّي، وكذا لو ترك الصلة، فقال: أنتِ


(١) أي وكذا الممسوح.

<<  <  ج: ص:  >  >>