للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو قالت المرأة لزوجها: أنْتِ عليَّ كظَهْر أمي [أو أنا عليْكِ كظَهْر أُمِّك]، لم يلْزَم به شيْء، بل يختص الظهار بالرجال (١) كالطَّلاق، والله أعلم.

قَالَ الغَزَالِيُّ: وَيَقْبَلُ الظِّهَارُ التَّعْلِيقَ* فَلَوْ قَالَ: إِذَا ظَاهَرْتُ مِنْ فُلاَنَةٍ الأَجْنَبِيَّة فأنْتِ عَلَيَّ كظَهْرِ أُمِّي صَحَّ* فَإذَا نَكَحَ الأَجْنَبِيَّةَ وَظَاهَرَ عَنْهَا حَنِثَ* وَإنْ قَالَ: ظَاهَرْتُ عَنْهَا وَهِيَ أَجْنَبِيَّةٌ فَهُوَ لَغْوٌ وَهُوَ كَقَوْلِهِ: إنْ بِعْتُ الخَمْرَ فَإنَّ ذَلِكَ غَيْرُ مُتَصَوَّرٌ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: تعليق الظِّهار صحيح، واحتج له بما رُوي أنَّ سلمة بْن صخر -رضي الله عنه- جَعَل امرأته على نَفْسه، كظهر أمِّه إنْ غشِيَها، حتى ينتصف رمضان، فذكَرَ ذلك لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-: فقال: "أعْتِقْ (٢) رقَبَةً"، وأيضًا، فإن الظِّهار كان طَلاقًا في الجاهليَّة، وهو يشبه الطلاق من حيْث إنه لفْظ يتعلَّق بالتحريم واليمين من حيْث إنه يتعلَّق به الكفَّارة، وفي المُغَلَّب من الشبهين اختلافُ قَوْلٍ سيأتي، وكل واحد من الطلاق واليمين قابلٌ للتعْليق، فكذلك الظِّهار، فإذا قال: إن دخَلْتُ الدار، وإذا جاء رأس الشهر، فأنْتِ عليَّ كظهر أمي، فوجدت الصفة، صار مظاهرًا عَنْها، ولو قال: إنْ ظاهَرْتُ عنْ حفْصة، فعمرة عليّ كظَهْر أمي، وهما في نكاحه، ثم ظاهر عن حفصة، صار مظاهرًا عنهما جميعًا، أما عن عمرة، فموجب التعليق، وأما عن حفصة فتنجيزًا.


(١) ويؤخذ من التشبيه بالطلاق أنه إذا فوض إليها أن تظاهر منه أن يصح كما في الطلاق لكن لم يتعرض له أحد من الأصحاب فيما أعلم غير صاحب الوافي فإنه قال تفقهًا قال: ولم أجد فيه نصًا للأصحاب وشهد له قول الحاوي لو قال: أنا عليك كظهر أمي فهوكناية ان أراد به الظهار كان ظهارًا وإلا فلا ويجري من الطلاق مجرى قوله أنا منك طالق. انتهى. قاله الزركشي في خادمه.
(٢) راجع ثم أعاده في موضع آخر بلفظ: ظاهر من امرأته حتى ينسلخ رمضان، ثم وطئها في المدة، فأمره النبي -صلى الله عليه وسلم- بتحرير رقبة، أما اللفظ الأول: فرواه الحاكم والبيهقي من طريق محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان وأبي سلمة بن عبد الرحمن: أن سلمة بن صخر البياضي جعل امرأته عليه كظهر أمه إن غشيها حتى يمضي رمضان. الحديث، وأما اللفظ الثاني فرواه أحمد والحاكم وأصحاب السنن إلا النسائي من حديث سليمان بن يسار عن سلمة بن صخر قال: كنت امرأ أصيب من النساء ما لا يصيب غيري، فلما دخل شهر رمضان، خفت أن أصيب من امرأتي شيئًا، فظاهرت منها حتى ينسلخ شهر رمضان، فبينا هي تخدمني ذات ليلة فكشف لي منها شيء، فما لبثت أن نزوت عليها، فذكر الحديث، وأعله عبد الحق بالانقطاع، وأن سليمان لم يدرك سلمة، قلت: حكى ذلك الترمذي عن البخاري.
(تنبيه): نص الترمذي على أن سلمة بن صخر يقال له: سلمان بن صخر أيضًا، وهذا الحديث استدل به الرافعي على صحة تعليق الظهار، وتعقبه ابن الرفعة بأن الذي في السنن لاحجة فيه على جواز التعليق، وإنما هو ظهار مؤقت لا معلق، واللفظ المذكور عن البيهقي يشهد لصحة ما قال الرافعي، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>