للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو قال: إن ظاهَرْتُ عن إحداكما أو أيكما ظاهَرْت عنها، فالأُخْرَى عليَّ كظَهْر أُمِّي، ثمَّ ظاهر عن إحداهما، صار مُظَاهِرًا عن الأخْرَى أيضًا.

ولو قال: إن ظاهَرْتُ عن فلانَة، فأنتِ عليَّ كظهر أمي، وفلانة أجنبية عنه، ثم خاطب: فلانة بلَفْظ الظهار، لم يصر مظاهرًا عن زوجته؛ لأن الظهار عن الأجنبية غيْر منعقدٍ إلا أن يريد التلَفُّظ بلفظ الظهار، فيصير بالتلفظ مظاهرًا عن زوجته، ولو نَكَح فلانة، ثم ظاهر منها، صار مظاهرًا عن زوجته الأولى بحُكْم التعليق، ولو قال: إنْ ظاهَرْتُ عن فلانة الأجنبية، فأنْتِ عليَّ كظهر أُمِّي، فتعرض لفظه لكونها أجنبيةً، فيُنْظَر؛ إن خاطبها بلَفْظ الظهار قبْل أن ينْكَحِها، فالحكمْ كما في الصورة السابقة، وإنْ نَكَحَها، فظَاهر عنْها، يَصِير مظاهرًا عن الزوجة الأوَلى، فيه وجهان:

أحدهما: لا؛ لأنه إذا نَكَحَها، خَرجَت عن كوْنِها أجنبيةً.

وأصحهما، وهو المذكور في الكتاب: نَعَمْ؛ لأن ظهارها معلَّق بظهار فلانة، وذكر الأجنبية في مثْل ذلك للتعريف دون الشرط، كما لو قال: لا أدخُل دار زَيْدٍ هذه، فباعها زيْد، ثم دخَلَها، يَحْنَث.

والوجهان [كالوجهين] (١) فيما إذا قال: لا أكلِّم هذا الصبيِّ، فكلَّمه بعْدما صار شيْخاً، ونظائره، ولو قال: إن ظاهَرْتُ من فلانةٍ أجنبيةً أو وَهِيَ أجْنبيةٌ، فأنتِ عليَّ كظهر أمي، فسواء نكحها، وظاهَرَ عنْها أو خاطَبَها بلفظ الظهار قبْل أن ينْكِحَها، لا يصير مظاهرًا عن زوجته الَّتي علَّق ظهارها؛ لأنه شَرَط وقوع الظهار في حال كونها أجنبيَّةٌ وما دامت أجنبيةً، فلا ينعقد الظهار، إذا انعقد الظهار، لمْ تكُنْ هي أجنبيةً؛ فكان التعليق بشَيْءٍ مُحَالٍ، وهو كما إذا قال: إن بِعْتُ الخَمْرة، فأنتِ طالقٌ أو فأنْتِ عليَّ كظَهْر أمي فأتى بلفظ البَيْع، لا يقع الطلاق، ولا يَحْصل (٢) الظهار؛ تنزيلاً لألفاظ العقود على الصحة؛ وعند المزنيِّ ينزل في مثْل ذلك على صُورة الظِّهَار والبيع، فيجوز أن يُعْلَم قوله "فهو لَغْو" بالزاي؛ لذلك، ويجوز أن يعلم بالواو أيضًا؛ لأن الإِمام ذَكَر من الأصحاب مَنْ نُسب لموافقته، وسيأتي ذلك في الأيمان -إن شاء الله تعالى- وأيضًا، فإنَّ في التعْلِيق بالمستحيلات (٣) خلافًا، قد تقدَّم في "الطلاق".

فرْعٌ: لو قال: إن دخَلْتِ الدار، فأنتِ عليَّ كظهر أمي، فدخَلَتْ، وهو مجنونٌ أو ناسٍ، فعن أبي الحُسَيْن بن القطَّان: أن في حصُول العَوْد ولزوم الكفَّارة قولين.

قال القاضي ابن كج: وعنْدي أنَّها تلزم بلا خلاف، كما لو علَّق طلاقها


(١) سقط في ز.
(٢) في أ: يحل.
(٣) في أ: المستحيل.

<<  <  ج: ص:  >  >>