للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالدخول، فدخلت، وهو مجنونٌ، وإنما يؤثر الإكراه والنسيان في فِعْل المَعْلوف على فِعْله، وهذا هو الوجه (١).

قَالَ الغَزَالِيُّ: وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ كَظَهْرِ أُمِّي وَأَرَادَ التَّأْكِيدَ لَمْ يَكُنْ ظِهَارًا* وَإنْ أَرَادَ الظِّهَارَ بِآخِرِ كَلاَمِهِ نَفَذَ إنْ كَانَ رَجْعِيًّا* وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ حَرَامٌ عَلَى كَظَهْرِ أُمِّي وَأَرَادَ مُجَرَّدَ الطَّلاَقِ أَوْ مُجَرَّدَ الظِّهَارِ كَانَ كَمَا نَوَى* وَلَوْ نَوَاهُمَا جَمِيعًا فَلاَ سَبِيلَ إِلَى الجَمْعِ فيُغَلّبُ الطَّلاَقُ لِقُوَّتِهِ عَلَى وَجْهٍ* وَيُغَلَّبُ الظِّهَارُ؛ لأنَّ لَفْظَهُ صَرِيحٌ عَلَى وَجْهٍ* ويُخَيَّرُ بَيَنَهُمَا يَخْتَارَ أَحَدَهُمَا عَلَى وَجْهٍ* وَلَوْ قَالَ أَرَدتُّ الطَّلاَقَ بالحَرَامِ والظِّهَارِ بآخِرِ الكَلاَمِ كَانَ كَمَا نَوَى* وَلَوْ عَكَسَ ذَلِكَ لَمْ يَحْصُلِ الطَّلاَقُ بِلَفْظِ الظِّهَارِ لأَنَّهُ صَرِيحٌ* وَيَحْصُلُ الظِّهَارُ* وَلَوْ قَالَ: لَمْ أَقْصِدْ إِلاَّ تَحْرِيمَ عَيْنهَا لَمْ تَحْرُمْ عَلَيْهِ وَيلْزَمُهُ كَفَّارَةُ اليَمِينِ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: قد مرَّ أنَّ كل واحِدٍ من لفْظَي الطَّلاق والظهار لا يَجُوز أن يُجْعل كنايةً عن الآخر، وأنَّ قوْل الزوج لزوْجته: أنت علي حرام، يصْلُح كنايةً عن الطَّلاق والظهار جميعًا، والفصْل يشتمل على مسألتين يتعلَّقان بهذَيْن الأصلَيْنِ:

الأولى: إذ قال لامرأته: أنتِ طالقٌ كظهر أُمِّي، فله أحوال:

إحداها: أن لا ينوي شيئًا فيقع الطَّلاق؛ لإتيانه بلفظه الصريح، ولا يصح الظهار؛ لأن قوله "كظهر أمي" لا استقلال له، وقوإنقطع عن قوله "أنت" بالفاصل الحاصل بينهما، فخرج عن الصَّراحة، ولم يقصد به الظهار.

الثانية: إذا قصد بمجْمُوع كلامه الطَّلاق وحْده، وجعل قوله "كظهر أمي" تأكيدًا لتحريم الطَّلاق، وقع الطَّلاق ولا ظِهَار.

الثالثة: إذا قَصَد بالجميع الظِّهَار حَصَل (٢) الطَّلاق دون الظهار؛ [أما حصول الطَّلاق فللفظ الصريح، وأما عدم حصول الظهار] فلأن لفْظ الطَّلاق لا ينْصَرف إلى الظهار، والثاني: ليس بصريح كما بيَّناه، وهو لم ينْو به الظهار، وإنما نواه بالجميع، وعن أبي عليٍّ الطبَريِّ وأبي الحُسَيْن فيما رواه القاضي ابن كج أنَّه يلزمه الظهار أيضًا بإقراره.

والرابعة: إذا قصد الطَّلاق والظهار جميعًا، نُظِرَ؛ إن قَصَدَهما بمجموع كلاَمه، حصل الطَّلاق دون الظِّهَار؛ لما تبيَّن، وإن قصد الطَّلاق بقَوْله: أنْتِ طالقٌ، والظهار بقوله: كظَهْر أمي، فإن كانت تَبِين بالطَّلاق، لم يصحَّ الظهار وإن كانَتْ رجعيَّةً، يصح


(١) في أ: التوجيه.
(٢) في أ: جعل.

<<  <  ج: ص:  >  >>