للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكُلَّ فَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ فِي قَوْلٍ* وَأَرْبَعُ كَفَّارَاتِ فِي قَوْلٍ* فَإِنْ قُلْنَا: كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ طَلَّقَ ثَلاَثًا لَزِمَتْهُ الكَفَّارَة لإِمْسَاكِ الرَّابِعَةِ* وَلَوْ ظَاهَرَ عَنْهُنَّ بِأرْبَعِ كَلِمَاتٍ عَلَى التَّوَالِي صَارَ عَائِدًا إلَى الثَّلاَثِ فَعَلَيْهِ ثَلاَثُ كَفَّارَاتٍ إِنْ طَلَّقَ الأَخِيرَةَ عَلَى الاتِّصَالِ وَإِلاَّ فَأرْبَعُ كَفَّارَاتٍ* وَلَو كَرَّرَ لَفْظَ الظِّهَارِ عَلَى وَاحِدَةٍ وَأَرَادَ التَّأْكِيدَ لَمْ يَكُنْ عَائِدًا بِاشْتِغَالِهِ بِلَفْظِ التَّأْكِيدِ عَلَى الأَظْهَرِ* وَإِنْ قَصَدَ تَكْرِيرَ الظِّهَارِ كَانَ أَوْلَى بِأَنْ يَكُونَ عائِدًا* ثُمَّ في تَعَدُّدِ الكَفَّارَة مَعَ اتِّحَادِ المَحَلِّ خِلاَفٌ* فَإِنْ لَمْ نُعَدِّدْ فَلاَ فَائِدَةَ لِلثَّانِي* وَإِنْ عَدَّدْنَا فَعَلَيْهِ كَفَّارَتَانِ إِنْ لَمْ يطلَّق عَقِيبَ الثَّانِي* وَلَوْ كرَّرَ الظِّهَارَ بَعْدَ تَخَلُّلِ فَصْلٍ وَقَالَ: أَردَتُّ التَّأْكِيدَ قُبِلَ عَلَى الأَظْهَرِ لأَنَّهُ إِخْبَارٌ بخِلاَفِ الطَّلاَقِ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: فيه صورتان: إحداهما: إذا ظَاهَر عن أربع نسوة بكلمه واحدة، فقال: أنتُنَّ عَلَيَّ كظَهْر أمِّي، صار مظاهرًا عنْهن، ثم إنْ طلَّقَهُنَّ، فلا كفَّارة (١) علَيْه، وإن أمسكهن جميعًا، فقولان: الجديد، وبه قال أبو حنيفة: أنه يلزمه أربَعُ كفَّارات؛

لأنه وجد الظِّهار والعود في حقِّهن جميعًا.

والقديم، وبه قال مالك وأحمد -رحمهما الله-: أنه لا يجب إلا كفَّارة واحدةٌ؛ لورود الأثَر عن عُمَر -رضي الله عنه- ولأنَّ الظِّهار كلمةٌ تقتضي مخالفتُها الكفَّارَةَ؛ فإذا تعلَّقت بجماعة، لم تقتض إلاَّ كفارةً واحدةً، كاليمين، والخِلاَف مردودٌ إلى أن المُغَلَّب في الظِّهار مشابهة الطلاق أو الأيمان؛ إن غلَّبْنا مشابهة الطلاق، لَزِمَتْه أربع كفارات، ولم تختلف الحال بين أن يظاهر بكلمة أو كلمات، [كما لا تختلف الحال بيْن أن يطلِّقَهن بكلمة أو كلمات]، وإن غلَّبْنا مشابهة الأيمان، لم تجب إلا كفارةٌ واحدةٌ، كما لو حَلَف أنْ لا يكلِّم جماعةً كلَّهم.

وعن القاضي الحُسَيْن: أن الخلاف في أن المُغلَّب في الظِّهار شبه الطلاق أو اليمين، حاصلٌ من الخلاف في هذه المسألة، وقد يُوجَد الخلاف في الأصول من الخلاف في الفروع، وشُبِّه القولان بالقولين فيما إذا قَذَف جماعة بكلمة واحدة، يَلْزَمه حَدٌّ واحد أو حُدُودٌ لأن الكلمة واحدةٌ والمتعلّق متعدِّد، فإن قلنا: يلزمه أربع كفاراتٍ، لم يحْصُل العود في بعْضهن بالطلاق عقيب الظِّهار أو بالموت، وحَيْث أوجبنا الكفارة، بعدد من حَصَل فيها العَوْد، وإن لم نُوجِب إلاَّ كفَّارة واحدة، كفى العَوْد في بعضهن؛


(١) وهو يشمل ما إذا طلقهن جميعًا أو على الترتيب، وفي الاستذكار للدارمي إن طلقهن واحدة بعد أخرى فغير عائد في الأولى وفيمن بعدها.
قال ابن القطان: عائد، وقال ابن المرزبان: غير عائد.

<<  <  ج: ص:  >  >>