للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخرس الصَّمَمُ والإجزاء على ما إذا تجرَّد، وحكى القاضي ابن كج عن أبي حَفْصِ بْنِ الوَكِيلِ: القَطْعَ، بالمنع، إذا اجتمعا، وقولين فيما إذا تجرَّد الخرس، فهذه طريقة ثالثة، ويجوز مقطوع الأذنين، والأَخْشَم، [ومقطوع الأنف] [ومقطوع أصابع الرِّجْلين، وعن أبي هريرة؛ أن الحكم في أصابع الرِّجْلين] (١) كهو في أصابع الَيَديْن؛ لأن قَطْعها يُؤَثِّر في المَشْي والتردُّد، ولا يجزئ (٢) مقطوع أصابع اليد؛ لأن البطش والعمل لا يحصل، وإن كان مقطوع [بعضها، نُظِرَ؛ إن كان مقطوع] (٣) الإبهام أو السبابة أو الوسطى، لم يَجُز إعتاقه، سواء كان القَطْع من إحْدى اليَدَيْنِ أو منهما؛ لأن معْظَم العمل يتعلَّق بهذه الثلاث، وإن كان مقطوع الخِنْصِر أو البِنْصِر، فيجوز، وإن كان مقطوعهما جميعاً، فإن كانتا مقطوعَتَيْن من يد واحدة، لم يَجُزْ؛ لأن العمل بالثلاث يحتاج إلى الاستعانة بإحداهما، وإن كانت الخِنْصِرَ مقطوعةً عن يد، والبنْصَر مقطوعةً عن أخرى، فلا بَأْس، وإن كان القطع في شَيْء من الأنامل، فقطع أنملتين (٤) من أصبع واحدة كفقد (٥) ذلك الإِصبع؛ فلا يضر ذلك في الخِنْصِر والبنْصِر، ويمنع الإجزاء في غيرهما، وقطْع أنملة واحدة يَمْنَعُ الإجزاء في الإبهام؛ لأنهما أُنْمُلَتَان، فتختل منفعتها إذا فُقِدَت إحداهما، وفي غير الإبهام لا يُؤَثِّر حتى لو كان مقْطوع الأنامل العُلْيَا من الأصابع الأربع، أجزأه إعتاقه، وتردَّد الإِمام -رحمه الله- في هذه الصورة، ويُجزئُ الأبرص والمجذوم ومفقود الأسنان وضعيف البطش والخَصِيُّ، والمجبوب، والأَمةُ الرَّتْقَاء، والقَرْنَاء، وولد الزنا، ويجزئ الصغير, ولا يجزئ الجنين، وإن انفصل لِمَا دون ستة أشهر مِن وَقْت الإعتاق؛ لأنه لا يُعْطَى حُكْمَ الأحياء، ولذلك لا تجب فطرته، وحكي وجه: أنه إن انفصل كذلك تبيَّن الإجزاء. قال الإِمام -رحمه الله-: ولا شك أنا لا نَحْكُمُ ببراءة الذمة في الحال، ولا نُسَلِّط المظاهر على الوطء.

وعن أبي حنيفة فيما ذكر صاحب "التهذيب" وغيره: أن كل عيب يُفَوِّت جنْسًا من المنفعة، يمنع الإجزاء، وإن لم يَمْنع الجنس، فلا؛ حتى لا يُجْزئ إعتاق مقطوع الأذنين، ومقطوع الأنف، ومقطوع اليدين، والأصم، والأخرس، ويجزئ إعتاق مقطوع إحدى اليدين أو الرجلين، وأُعْلِمَ لذلك من لفظ الكتاب "الأقطع" و"الأصم والأخرس" بالحاء، ولُيُعْلَم "الأخرس" بالميم أيضاً، والحكاية عن مالك أنه لا يُجْزئ، وليُعْلم "الأصم والأخرس" "ومقطوع أصابع الرجل" بالواو، وكذا قوله: "ولا يجزي الجنين"؛ لمَا تَبَيَّن.


(١) سقط في ز.
(٢) في أ: يجوز.
(٣) سقط في ز.
(٤) في أ: إصبعين.
(٥) في أ: كفعل تلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>