إحداها: لا يجزئ إعتاق المستولَدَة عن الكفَّارة؛ لأنها مستحقة العتاقة بجهة الاستيلاد، وكذلك إعتاق المكاتب سواءٌ أدَّى شيئاً من النجوم أو لم يُؤَدِّه.
قال مالك وأبو حنيفة: يجزئُ إعتاقه، إذا لم يُؤَدِّ شيئاً من النجوم، وبه قال أحمد في رواية, ووافَقَنا في رواية, واختلف الأصحاب -رحمهم الله- في تعليل المَذْهب، فمنهم من علَّل بأن المكاتب ناقصُ الرق كالمستولدة، وربَّما قيل: إن إعتاقَهُ ناقصٌ؛ لأنه ليس مَحْض إعتاق، بل هو مشوب بالإبراء، ولو كان إعتاقًا محضًا، لحَصَلَ العتق، وبقيت الذِّمَّة مشغولةً بالعوض، ومنهم من عَلَّل بأن العِتْق يَقَع عن جهة الكتابة؛ لكونه مستحقًّا بها، فلا يقع عن جهة أخرى، وإن كان مُكَاتَبًا كتابةً فاسدةً، فأعتقه، قال الإِمام: هذا مرتَّب على أن السيد إذا أعتقه، هل يستتبع الأولاد والاكساب؟ فيه خلاف يُذْكر في موضعه -إن شاء الله تعالى-، فإن قلْنا: لا يُسْتَتْبَع، فإعتاقه فسخ الكتابة، فيجزئ؛ عِن الكفاَرة، وإن قلْنا بالاستتباع، ففي إجزائه وجْهان، مبنيان على أن المنع في البكتابة الصحيحة لماذا؟ إن علَّلنا بنقصان الرِّقِّ أو العتق، أجزأ عن الكفارة؛ لأن الرِّقِّ كاملٌ هاهنا، والعتق (١) لا يتضمن الإبراء عن شيْء واجب، وإن علَّلنا بوقوعه عن جهة الكتابة، فلا يجزئ، والظاهر الإِجزاء، وهو المذْكُور في الكتاب، ولو قال للمكاتَب: إذا عجَزْتَ عن النجوم، فأنتَ حُرٌّ عن كفارتي، فعجز، عَتَقَ، ولم يجزئ عن الكفارة؛